اخر الاخبار

الخميس , 15 مايو , 2014


احمد ندا

الأزهر يتفرّغ للذوق العام: فقه الأولويات؟

فصل جديد من فصول الفيلم الطويل والسخيف بأبطاله: الأزهر من ناحية، والمبدعون من ناحية أخرى.
فالمؤسسة الدينية العريقة وبناء على "فقه الأولويات" الذي تدرّسه في مدارسها وجامعاتها ومعاهدها الدينية، "فقه الأولويات" الذي تتمثل به في تحرّكاتها وخطواتها وتصريحاتها المختلفة، تركت الدم المسفوك يومياً وآلاف المعتقلين والظلم الواقع على الملايين والسلفيين الذين يعيثون في عقول الناس فساداً، وراح علماؤها يكفّرون ويفسّقون الإخوان المسلمين ومن تبعهم يمنة ويسرة، ومن قبل ذلك تحصي الأنفاس الخارجة من كل شخص تسوّل له نفسه أن يذكر المؤسسة بما لا يعجبها، ومن ثم نصبت نفسها حارسة للذوق العام، ثم اجتهدت في "تأويل" ما يمكن أن يكون مساساً بكهنوتها لتقمعه باسم الدين.

فلم تكد تمرّ أيام على منع فيلم "حلاوة روح" لهيفاء وهبي وإنتاج محمد السبكي بقرار من رئيس الوزراء إبراهيم محلب، وصدور بيان عن جامعة الازهر يؤيد القرار، لأن "المجتمع المصري في حاجة إلى إحياء القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة.. وإن دعوى حرية الإبداع لا تعني هدم القيم وإشاعة الفوضى الأخلاقية".. حتى عادت "الحسبة" الأزهرية في ممارسة دورها مع المنتج نفسه. وهذه المرة الضحية، هو فيلمه الثاني في السوق "سالم أبو أخته"، وذلك بعد تصريحات على لسان وكيل الأزهر عباس شومان تنتقد "ظهور جريدة صوت الأزهر في يد بطل الفيلم "محمد رجب" وهو يرتدي زي الشرطة، التى فسّرها بأن المقصود منها هو إسقاط يوحي بأن الأزهر يرعى الاستبداد"!

لم يتوقف الأمر عند الانتقاد، فأصدرت هيئة كبار علماء الأزهر بياناً طالبت فيه "بمنع عرض الأعمال الفنية التي لا تلتزم القيم الأخلاقية، وملاحقة صانعيها؛ حماية للمجتمع وتحصيناً للشباب من الانحلال"، وذلك تعليقاً على "التجاوز" في حق المؤسسة العريقة. وكالعادة وقفت نقابة المهن التمثيلية موقفاً متخاذلاً من الانتهاك المستمرّ الذي يمارسه الأزهر المتفرّغ لكل شاردة وواردة في عالم الإبداع، كما جاء على لسان نقيبها أشرف عبد الغفور: "المختصّ بذلك الأمر الرقابة على المصنّفات الفنية، لا النقابة".

المبدعون من ناحيتهم، لم تكد تبرد نار معركتهم الأولى حول منع "حلاوة روح"، وقبله الجدل حول فيلم "نوح"، حتى فتح الأزهر جبهة أخرى تخصّ فيلم "سالم أبو أخته". صار محمد السبكي هدفاً سهلاً سائغاً لمؤسّسات الدولة التي تعوّض نقصها وقلّة كفاءتها وخيبتها الثقيلة في أعمال المنتج.
وها هو الإمام الأكبر يحيل طلب تشكيل "لجنة الضوابط والقيم" إلى هيئة كبار العلماء.

ما الذي يفعله الأزهر؟ سؤال تردّد صداه في شبكات التواصل الاجتماعي طوال الأيام الماضية، المؤسّسة التي تمّ تدجينها على يد جمال عبد الناصر وأمّم أوقافها –مصادر دخلها- والتي كانت تضمن لها استقلاليتها، صارت تابعة للدولة، وشيخها يتمّ تعيينه بقرار رئاسي. صارت كغيرها من المؤسّسات، شائخة مترهّلة، يملؤها الفساد.

لكن صفاقة ما وصل إليه الأزهر من خضوع كامل للدولة تجاوز حدوده في مرحلة ما بعد 30 يونيو: واحد من شيوخها الكبار ومفتي الجمهورية الأسبق يطوف بعكّازه بين القنوات الفضائية ليكفّر الإخوان ويخرجهم من الملّة والصواب، وشيوخها الذين يمنحون البركة في تحرّكات الداخلية الدموية. لا صوت خرج ليرفض المجازر. لا شيخ تحدّث عن المأساة اليومية التي يعيشها المواطن. واختفى من أروقة المسجد والجامعة القول المحمدي: "كلمة حق عند سلطان جائر".

تفرّغ الأزهر تماماً لملاحقة من يأتي على ذكره بنقد أو حتى اللانقد، ويفرط في تأويل متعسّف كأنه يرسل رسالة واضحة وعنيفة لكل من تسوّل له نفسه أن يتجرّأ ويذكّره بغير ما يحبّ. تحوّل إلى مؤسّسة سلطوية تخدم مصالح محدّدة، وتمارس قمعاً ذا قداسة يسهل اتّهام من يعارضه بالخروج عن الدين/الدولة.
عن أي دولة مدنية يتحدّثون إذن؟ وأي إسلام وسطي يروّجون إليه؟ ثم يقال إن 30 يونيو أنهت "دولة دينية"!


#مرسى_رئيسى
#انتخبو_العرص
#الخائن_الخسيسي
#كلنا_اخوان
#شبكة_صوت_الحرية

بقلم: #احمد_ندا

القراء 828

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net