اخر الاخبار

الأحد , 25 مايو , 2014


تبحث أمريكا اللاتينية عن فرسان جدد في الآداب لتعويض جيل بدأ يشيخ مثل ماريو
يوسا ويغيّب الموت رواده مثل غارسيا ماركيز. وينشغل النقاد بهذه العملية في وقت ترسم المنطقة لنفسها شخصية سياسية قوية في المسرح العالمي وتحاول أن تجعل من الثقافة مكملا لقوتها، فالثقافة تشكل عنصرا في رسم قوة الدول والتكتلات.
ولم يكن للأدب في أمريكا اللاتينية وخاصة الناطق بالإسبانية حضورا قويا في
الخريطة العالمية التي كانت تحت هيمنة الأوروبيين والأمريكيين، رغم وجود عمالقة في نهاية القرن التاسع عشر وهم خوسي مارتي وروبن داريو. ويتهم الناقد فيكتور بيلاردي النقد في الغرب بالتعامل مع إبداعات أمريكا اللاتينية من زاوية فلكلورية وإقليمية مهمشة. وقد يكون غياب اهتمام الغرب بأمريكا اللاتينية لاختزالهم الأدب الناطق بالإسبانية في اسبانيا القريبة من المركز الأوروبي والتي أعطت أسماء كبيرة مبدعة متألقة طيلة القرون الماضية.
بدأ الاهتمام الحقيقي بأدب أمريكا اللاتينية عندما فازت الروائية غابرييلا ميسترال، وهي من التشيلي بجائزة نوبل للآداب سنة 1945، وهي من النساء القلائل اللواتي فزن بالجائزة وكانت أول من يفوز بها من أمريكا اللاتينية قبل أن يتبعها عمالقة آخرون من طينة ميغيل آنخيل أستورياس وبابلو نيرودا. وهذه الروائية غير معروفة في العالم العربي إلا لجمهور محدود من الباحثين.
وسيبصم روائيو وشعراء أمريكا اللاتينية الإنتاج الأدبي العالمي انطلاقا ما يسمى «الانفجار الإبداعي في أمريكا اللاتينية» ما بين سنتي 1960-1970 عندما اقتحم شباب عالم الرواية عالميا وخاصة أوروبا بروايات خلاقة شكلا ومضمونا.
ورواد هذه الظاهرة هم خوليو كورتاثار من الأرجنتين وكارلوس فوينتيس من المكسيك وغابرييل غارسيا ماركيز من كولومبيا وماريو فارغاس يوسا من البيرو، وحصل الأخيران على نوبل (1982 و2010 على التوالي)، وخوسي دونوس من التشيلي وأغوستو روا باستوس من الباراغواي وخوسي ليما من كوبا وكذلك خورخي أمادو من البرازيل، وإن كان التركيز يتم على الإسبانية أكثر من لغة البرازيل وهي البرتغالية. وتعتبر رواية «مئة عام من العزلة» لماركيز الراحل عن هذا العالم العنوان المعبر عن هذه الحقبة الإبداعية التي نهج روادها ما يعرف«بالواقعية السحرية» ولكي يستوفي أي إبداع روائي شروط التقييم الحقيقي بمعزل عن الانبهار بلحظة الإنتاج، لا بد من معرفة بصماته التاريخية التي تتعدى القطر والاقليم الى العالمية بل وتشكل منعطفا ولو نسبيا في الابداع. وإبداعيا، ساهم هؤلاء الرواد «بالواقعية السحرية»، وهي محطة أساسية في أدب القرن العشرين، وتقوم على معالجة الواقع اليومي والعادي في قالب يقترب من الفنتازيا ومنح طابع أسطوري للشخصيات.
وقد تكون الزاوية التاريخية أهم على ضوء رصد التأثير العميق، إذ كسرت هذه المجموعة من المبدعين «المركزية الأوروبية في عالم الثقافة ومنها الرواية» التي سادت خلال القرون الأخيرة.
وتحاول أمريكا اللاتينية رسم موقع لها ضمن تكتلات الكبار في العالم، ولا يقتصر الأمر فقط على المجال الاقتصادي وبناء قوة عسكرية، بل تحمل مشعل إعادة قراءة التاريخ العالمي وترتيبه وفق معايير محلية بعيدة عن المركزية الغربية وخاصة الأوروبية التي كان لها باع طويل وانفردت بهذا التصنيف لقرون عديدة. وتجري هذه العملية في مجال الاقتصاد والتاريخ والعلوم السياسية وكذلك في الثقافة ومنها
الآداب. ويبقى التحدي الذي يواجهه النقاد هو إيجاد، ليس البدائل، بل ورثة يحملون مشعل فرسان «الانفجار الإبداعي» الذي قاده ماركيز وكورتاثار ضمن آخرين. هناك جيل ما بعد غارسيا ظهر في الثمانينات والتسعينات ولكنه لم يؤسس لمدرسة قوية
مستقلة بل يصنفه النقاد باعتباره امتدادا لمدرسة كورتاثار وماركيز.
وعملية العثور على الوريث صعبة في وقت تضاعفت فيه الإبداعات بسبب انفجار وسائل الاتصال وسهولة الطبع والنشر. ويجد النقاد صعوبة كبيرة في اختيار أسماء لم تتجاوز الخمسين من العمر حاليا وبدأت تعبر عن أمريكا اللاتينية وليس بالضرورة حصلت على جوائز أدبية رفيعة أو الأكثر مبيعا. يبحثون عن أعمال تتجاوز الشكل الأدبي نحو العمق الفلسفي والانشغالات الفكرية لأمريكا اللاتينية في بداية القرن 21 وتخلق شخصيات رواية تستمر في التاريخ وتكون معبرة عن مرحلة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، من الأسماء التي تؤكد حضورها في القرن 21، وهي ضمن العشرات وقد تحظى بالإجماع كما قد تفتقده، هناك إدموندو باس سالدان، من بوليفيا ويقيم في الولايات المتحدة ومن رواياته «الباب المغلق»، والأديب الشاب
الأرجنتيي أندريس نيومان صاحب رائعة «رحالة القرن»، والفنزويلي خوان كارلوس مننديث غيديس صاحب «مساء الأجراس». وتقول الناقدة لوث روساريو أرواخو «يتعلق الامر بجيل ما بعد الحداثة وجيل العولمة الذي يشكك في كل شيء».
أسماء قد لا تعني شيئا للقارئ العربي بل حتى الكثير من النقاد، فالتجارب تؤكد أن اكتشاف الناقد العربي لأسماء من مناطق بعيدة ثقافية وحتى إن كانت انشغالاتها قريبة من انشغالات العالم العربي، يتم مرورا بباريس ولندن ونيويورك وليس بالضرورة عبر بوينوس أيرس وهافانا ومكسيكو، وكذلك عندما يحصل المبدع على جائزة عالمية من طينة نوبل، كما حدث مع العالم العربي في اكتشافه غارسيا ماركيز سنة 1982.
حسين مجدوبي

#مرسى_رئيسى
#انتخبو_العرص
#الخائن_الخسيسي
#كلنا_اخوان
#شبكة_صوت_الحرية


القراء 947

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net