اخر الاخبار

الجمعة , 6 يونيو , 2014




إلَى ابنتى أسْمَاء

*****

أنا الكلماتُ تحترقُ ..

على شفَتي

وأنفاسي تَهُبُّ كمثلِ نيرانٍ على رئتي

أنا قلتُ : مساءُ الخيرِ يا أسماء

وما ردَّتْ

تُراها قد نسَتْ لغتي ؟

فتحتُ البابْ ،

وأغلقتُ .. ورائي البابْ

ونادتْني ليالي الأمسِ والأحبابْ

وحييتُ الذي يجلسْ ..

جواري دائمًا أبدًا :

مساءُ الخير يا حزني

فردَّ الحزنُ بالترحابْ

****

تذكرتُ ..

هنا وجهَكْ

ووجهُكِ طلَّةٌ من نورْ

وقلبًا يُشبهُ البلُّورْ

وتسبيحًا وتكبيرًا

وعطرَ بخورْ

تذكرتُ ..

دعاءَكِ في صلاةِ الفجرْ

تذكرتُ الكلامَ الحلوَ في يومٍ

تذكرتُ الكلامَ المرْ

ويومَ سألتِني مرَّةْ

عن الموتِ ،

وأولِ ليلةٍ في القبرْ

وعن حالِ السنينَ هناكْ ،

وكيفَ تمُرّ ؟

ومرَّ العمرْ

وصارَ المرُّ في حلقي

هناكَ أمَرّ

وظلَّ السرُّ مطويًا

وخلفَ السرّ

أنا مازلتُ يا أسماء على قبرِكْ

هنا أبكى ..

أبيعُ الصبرْ

أُناديكِ

وأنتظرُ .. يجيءُ الردّ

وأصبحَ بيننا سدٌ

وماذا خلفَ هذا السدّ

بدأْنا العدّ

فمنْ بعدَكْ ..

عليَّ يرُدْ ؟

ومَن بعدَكْ ..

إذا قبَّلتُ كفَّيهِ..

أذوقُ الشهدْ ؟

ومن يمسحْ ..

على رأسي إذا أأسى ؟

ومن بعدَكْ ..

يُقبِّلُني لكي أنسى ؟

ومن في الصبحِ أشتَمُّ ..

بأنفاسِهْ ..

عبيرَ الوردْ ؟

****

دخلتُ الآنَ حجرتَكِ

وجدتُ النورَ قد غادَرْ

وطيبَكِ من هنا سافَرْ

سألتُ النورَ عن شيءٍ هنا ترَكَهْ

لماذا البيتُ ما عادَ

فلا صوتٌ ولا حرَكَةْ

ولا خيرٌ ولا بركَةْ ؟

هنا مازالَ مقعدُكِ

وصوتٌ من كلامِ الأمسْ

جميعًا كنَّا ننتظرُكْ

فهُلِّي مثلما أنتِ

فقد كنتِ ..

هنا بالأمسْ

وبينَ اليومِ والأمسِ

تغيَّرْنا

فلا شكلٌ ولا لونٌ ،

ولا طعمٌ ولا مَعنى

ولا أنتِ ..

هنا معَنا

لأوَّلِ مرَّةٍ في العمرِ يا أسماء

نذوقُ اليُتمَ أجمعَنا

نُغمِّسُ خبزَنا اليابسْ ..

بأدمُعِنا

هنا طرحتُكِ ، وسجَّادَةْ ،

ومِذياعٌ صغيرٌ

يقرأُ القرآنَ كالعادَةْ

لم أسمعْ هنا صوتَكْ ..

يُناديني

فناديتُ ... وناديتُ ...

وخوفٌ داخلي يزدادْ

فأين فُطورُنا أينَ

وأينَ جميعُ من في البيتِ

يلتفُّونَ من حولِكْ ؟

هنا كنَّا على ميعادْ

هنا في البهوِ ننتظرُكْ

وهذا المِقعدُ الخالي

أُحدِّقُ فيه ..

ويقتُلُني سؤالٌ دارَ في بالي

طرقتُ البابَ لم أسمعْ ..

هنا صوتَكْ

وناديتُ : أيا أسماء .. أيا أسماء

فتحتُ البابَ في صمتٍ

سريرُكِ ها هنا خالِ

وِسادتُكِ ، وهندامك ، ومسبحتُكْ ،

وبسمتُكِ .. دُعابتُكِ ،

ونظرتُكِ ، وضمَّتُكِ ، وقُبلتُكِ

وحضنٌ فيه آمالي

بأن أرتاحَ من تعبي ، وترحالي

تساقطْتُ ..

على الأرضِ

لأنَّ العجزَ قد دبَّ ..

بأوصالي

****

أُحسُّكِ دائمًا قربي تُناديني

بكلِّ مساءْ

فأجري نحوَ غُرفتِكِ

فلا أجدُكْ ...

أضمُّكِ داخلي وأذوبْ

فلا يَبقى هنا منِّي ولا منكِ

سوى أنَّا

فَناءٌ ذائبٌ بفناءْ

وقد أعطيتِني روحًا

فحلَّقتُ ..

أنا معَكِ

بكلِّ سماءْ

فيا أسماء التي اختصرَتْ بداخلِنا ..

مواسمَنا

فصرنا والسنينَ بكاءْ

مُسافرةٌ إلى أينَ حبيبَتَنا

مسافرةٌ بلا أشياءْ

حقيبتُكِ التي كانتْ

تُسافرُ دائمًا معَكِ

نراها لا تُطيقُ بقاءْ

ضَحكْتِ علينا واللهِ

وسافرتِ على استحياءْ

بغيرِ وداعْ

وسافرتِ ..

لأبعدِ نُقطةٍ في الكونِ سافرتِ

بلا أشياءْ

سِوى زادٍ من التقوى ،

وإيمانٍ كنبعِ الماءْ

تُراكِ الآنَ يا أسماء

بأيِّ سماءْ ؟

****

وتعبسُ حولنا الأشياءُ معلنةً

قدومَ الموتْ

قطارٌ سوفَ يحملُنا لبلدانٍ

ونجهلُها

نسميها بلادَ الصمتْ

لدارٍ غيرِ تلكَ الدارِ يا أسماء

وبيتٍ غيرِ هذا البيتْ

أُناديكِ

وأصرخُ دائمًا وحدي

بأعلى صوتْ

رجوتُكِ أن تجيبيني

وأن تَبقَيْ هنا معَنا

لبعضِ الوقتْ

****

أنا أمسكتُ بالهاتِفْ

لأطلبَ نفسَ أرقامِكْ

فكم يأتي جميلاً رائعًا ردُّكْ

إذا كانتْ مهاتفتي

مفاجأةً،

وما دارتْ بحسبانِكْ

بكِلْماتٍ تُزلزلُني ..

تردِّينَ

وتختصرينَ قاموسًا

من الكلِماتِ في ذلكْ

أُحسُّ بقلبِكِ الملهوفِ ينصهرُ

عطاءً مُرهقًا جدًّا

يُغالبُ ما بإمكانِكْ

فأيُّ حكايةٍ أنتِ

وكلُّ منابعِ الحبِّ

تصُبُّ الحُبَّ في ذاتِكْ

أنا مازلتُ والهاتِفْ

وعشرونَ محاولَةً

فرُدِّي مثلما كنتِ

وصُبِّي داخلَ الشريانِ تَحنانَكْ

هداياكِ أتتْ من كلِّ أحبابِكْ

ولكنْ لم نكنْ ندري

بأنَّكِ دونَ أن ندري

هنا غيَّرْتِ عنوانَكْ

***

جميلٌ كلُّ شيءٍ فيكِ يا أسماء

جميلٌ كلُّ شيءٍ كانْ

بحقٍّ كنتِ رائعةً ، ويافعةً ،

ويانعةً كما البستانْ

رأيتُكِ بسمةً تمتدُّ شلالاً

وتسكنُ مدخلَ الشريانْ

حنانُكِ عالمٌ يمتدُّ داخلَنا بلا آخِرْ

بحورٌ ما لها شطآنْ

وجودُكِ وحدَهُ كافٍ

ليبعثَ داخلي اطمئنانْ

ففي كفيكِ يا أسماء

شطوطُ أمانْ

أُحسُّكِ رغمَ ما فيكِ

كأنكِ قد فرشتِ الأرضَ

من تحتِ البشرْ ..

أحضانْ

صلاحٌ ما لهُ آخِرْ

وأنتِ كروضةٍ كبرى من الإحسانْ

تصالحتِ معَ الناسِ

فما أغضبتِ في يومٍ هنا إنسانْ

وما يومًا طلبتِ متاعَ دنيانا

فما شيءٌ على قلبِكْ ..

لهُ سلطانْ

تعلَّقتِ بحبلِ اللهِ في صبرٍ

وكنتِ بكلِّ نائبةٍ لكِ البرهانْ

يجيءُ الفجرُ يسألُني

يدقُّ البابَ في خجلٍ

كطفلٍ تائهٍ حيرانْ

ويجلسُ ينزوي وحدَهْ

ويسألُ عنكِ يا أسماء

فصوتُ مؤذنِ الفجرِ

هنا قد حانْ

فلا صوتٌ لهذا البيتِ من بعدِكْ

فأينَ الآنَ همهمتُكْ

بتسبيحٍ وترتيلٍ من القرآنْ

لأوَّلِ مرَّةٍ في العمرِ تغتربينَ يا أسماء

وسافرتِ ..

إلى الأبدِ ..

بلا استئذانْ




#احنا_متراقبين
#ارحل_يا_عرص
#مرسى_رئيسى
#كلنا_مسلمين
#شبكة_صوت_الحرية

بقلم: #نور_الدين

القراء 1256

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net