هل أخطأ الإخوان فأوقعوا أنفسهم فى المحنة؟!
يلقى البعض، من المنتمين للجماعة ومن غيرهم، باللوم على الإخوان، وأنهم من صنعوا الأزمة التى تعيشها البلاد الآن، فضلا - حسب هؤلاء - عن أنهم أوقعوا أنفسهم فى محنة عظيمة طالت النفوس والأموال، وعصفت بأعضاء وعائلات الجماعة.. وفيما يأتى توضيح لحقيقة الأمور، وقراءتها من زاويتها الصحيحة بعيدًا عن مغالاة الناقدين ومحاباة المؤيدين.
أولاً- إذا كان من حق الجميع أن يشارك فى إدارة البلاد، بعد ثورة شعبية عظيمة فى 25 يناير 2011م، فقد كان من حق الإخوان أن يشاركوا كذلك، ولم لا وهم أكبر الفصائل السياسية والدعوية، وأكبر الجماعات والأحزاب عددًا وتواجدًا فى الشارع؟! من ثم فلا منطق لمن ينكر عليهم حق المشاركة، أو يفرض عليهم استثناء ما أنزل الله به من سلطان.
ثانيًا- وإذا كان ثمة أفراد من الجماعة يتلاومون الآن على قرار الجماعة بخوض انتخابات الرئاسة بعد إعلان الامتناع عن خوضها.. أقول: إن هذا القرار تم اتخاذه بضوابط الشورى وطبقًا لآليات سن القرارات وتنفيذها، أما من اتخذ القرار فهم أعلى سلطة بالجماعة ممن اختارهم الذين ينتقدون.
ثالثًا- لم يسلك الإخوان – يومًا - مسلكًا شائنًا يحسب عليهم أو يسىء إلى دعوتهم، وإذا كانوا قد تولوا السلطة فإن هذا كان بأمر الشعب وحسب اختياره الذى تم فى أجواء ديمقراطية نزيهة لم تشهدها مصر على مدى تاريخها السياسى الطويل.
رابعًا- ولو افترضنا – جدلا - أن الإخوان قد أخطأوا فى هذا القرار، فهل يستحقون اللعن والطرد من رحمة المنتقدين؟! إن فى شرعنا متسع ورحمة بالمجتهدين الذين أخطؤوا، فجعل لهم أجرًا، أما من اجتهدوا فأصابوا فلهم أجران، والنبى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام اجتهدوا فأصابوا وأخطؤوا فعفا الله عنهم فى حال الخطأ، وقد جعلهم لنا مثلا وقدوة.
خامسًا- وإذا افترضنا - جدلا أيضًا - أن الإخوان حكموا ففشلوا، فهل نزيحهم عن الحكم بطريق العنف قبل أن يستوفوا مدتهم التى أقرتها الديمقراطيات والقوانين؟! أم نتبع القواعد السياسية المحترمة فى انتقال وتداول السلطة؟! إن ما جرى مع الإخوان قرصنة سياسية وسرقة بالإكراه ارتكبها العسكر بمساعدة ليبراليين ويساريين ممن يعتنقون مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) وبدعم قطاع من الشعب إما له مصلحة فى إبعاد الإخوان عن الحكم، أو تم التغرير به عن طريق وسائل الإعلام التابعة للعسكر.
سادسًا- ولقد كان على الإخوان الدفاع عن الثورة، والاستمساك بمكتسباتها، وعدم التفريط فيما خرج الشعب من أجله فى عدة استحقاقات انتخابية. فلذلك أصروا على الاستمرار فى السلطة، وعدم تقديم أية تنازلات، رغم علمهم بما يحاك لهم، ليس على المستوى المحلى والإقليمى فقط، بل على المستوى الدولى، ورغم عملهم فى أجواء فتنة وفوضى، وعصيان تام من جانب أجهزة ومؤسسات الدولة التى أرغمها العسكر على هذا العصيان.
سابعًا- ووالله، لو أن الإخوان أتوا لهذا الشعب بالمن والسلوى، لوقع الانقلاب، ولأوقعهم العسكر فى هذه المحنة، أليست تركيا مثلا يُضرب؟! إن أصابع الشر ما تزال تشعل الفتن ضد أردوغان ورفاقه رغم قفزاته الاقتصادية ببلده حتى صار من الكبار عالميًا. والوضع فى مصر لا يختلف كثيرًا عن تركيا التى يحكمها إسلاميون، بل تزيد المؤامرات هنا إذا أضفنا معادلة الكيان الغاصب ومتطلبات أمنه والحفاظ على بقائه.
ثامنًا- إن حجم الغل والحقد، والانتقام من جانب العسكر ضد الإخوان، يؤكد أن القصة ليست خصومة سياسية أو صراعًا على حكم، إنما هو خطة لاستئصال الجماعة - وقد صرح قادة الانقلاب بذلك فى أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من واحد منهم - ومحو فكرها من الوجود، والذى يمثل - فى الحقيقة - تهديدًا لمصالح أمريكا والصهاينة فى المنطقة، فضلا عن تهديد مصالح العسكر ومن يساندهم، إما من الفاسدين أو أصحاب التوجهات العلمانية التى تعادى الدين.
تاسعًا- من يوم أن خاض الإخوان غمار السياسة، فى منتصف أربعينيات القرن الماضى، وقد صاروا مستهدفين، فما مر يوم على مصر - من يومها - إلا وتلفق لهم التهم ويسجنون ويعذبون ويطاردون وتقع عليهم المحنة تلو الأخرى. والشاهد من هذا أنهم أينما وجدوا حلّ عليهم انتقام: الخونة، والفاسدين، والنصارى واليهود، والمنافقين.
عاشرًا- عقيدة الإخوان التى هى عقيدة الإسلام كما نادى بها محمد خير الأنام صلى الله عليه وسلم، لا تعرف اليأس، ولا يقعد أتباعها عن الحركة والجهاد، فإذا انتكسوا فى جولة فإنهم يوقنون أنها حلقة فى سلسلة الصراع بين الحق والباطل، وأن الجولة المقبلة لهم - إن شاء الله - إن أعدوا لها عدتها؛ بطاعة الله أولا وتنقية صفهم، ثم الأخذ بالأسباب التى يأخذ بها الخصم.. وزيادة.
#مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية