ثلاثة مشاهد تكشف أجواء لقاء السيسي والعاهل السعودي
ثلاث مشاهد في لقاء العاهل السعودي الملك عبد الله بالرئيس عبد الفتاح السيسي يمكن أن تعطينا مؤشرا على الأجواء التي سبقت اللقاء والتي دار فيها اللقاء ، المشهد الأول هو القبلة التي طبعها السيسي على رأس الملك وهي التي أثارت جدلا واسعا شهدته مواقع التواصل الاجتماعي ما بين مؤيد ومفسر ومدافع ومهاجم ومنتقد ، ودارت معركة صور تاريخية على شبكة الانترنت كانت ثرية جدا ومثيرة للدهشة أيضا ، والسيسي ليس من طبيعته ولا عوائده أن يقبل رأس أحد على سبيل الشكر أو التحية أو الإكبار ، لم يفعلها أبدا رغم ولعه بالمجاملات ، وإنما كان يفعلها مع من يعانون ضيقا أو هما أو حزنا أو عتابا على خلفية أمر هو طرف فيه ، مثل آباء بعض الضحايا من رجال الجيش أو الشرطة الذين قضوا في مواجهات مسلحة ونحو ذلك ، وأعتقد أن قبلة السيسي على رأس الملك هي في ذلك السياق نفسه ، سياق جبران الخاطر وتطييب نفس معاتبة ومهمومة ، باختصار ، اعتذار أولي عن أي لبس يكون قد أسيء فهمه من الطرف الآخر ، فالسيسي الذي ذهب للقاء الملك على الطائرة كان يعرف مسبقا أسباب ودواعي الزيارة العارضة والطارئة والخطيرة ، وكان يدرك ما أهم الملك وأقلق السعودية من المواقف المصرية الأخيرة ، خاصة في الشأن العراقي والسوري ، المشهد الثاني هو في الوفد الذي صحب الملك عبد الله في مقابلة السيسي ، ووفق ما ترشح من مصادر وزارية فإن شخصيتين أساسيتين من الجانب السعودي حضرا اللقاء الخاص بين الملك والسيسي ، وهما الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية والأمير بندر بن سلطان أمين عام مجلس الأمن الوطني السعودي ، وهي إشارة إلى أن الملف الطارئ والخطير يتعلق بالسياسات الأمنية والخارجية التي تهم المملكة ، وليس مجرد "زفة" مهنئين ، والمشهد الثالث يتعلق بمدة اللقاء الذي كان خاطفا واستغرق حوالي نصف ساعة (خمس وثلاثون دقيقة) ، بما يعني أن الكلام كان محددا والأجواء لا تسمح بغير الجد والصرامة ، وبحسب ما ترشح أيضا من مصادر وزارية فقد كان اللقاء مقسما على ثلاث محاور ، الأول وهو تهنئة بروتوكولية بالفوز في الانتخابات وتمنيات بالتوفيق ، والثاني حديث مختصر جدا عن مؤتمر المانحين والترتيب له وتعهد المملكة بنجاحه مع تأجيل تفاصيله لزيارة السيسي المقبلة للرياض ، وكان المحوران موجزان جدا من حيث الوقت ، وكان المحور الثالث متعلقا بالحديث عن ملفات إقليمية مقلقة للمملكة ، وخاصة الملف العراقي ، وقد أوصل الجانب السعودي رسالة واضحة وغاضبة للسيسي عن رؤية المملكة للحدث العراقي ومخاطره على الأمن القومي السعودي ، وأن المملكة ترى في التهديدات الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان الخطر الأكبر والأكثر إزعاجا ، كما طالبت السيسي بمراجعة الموقف المصري تجاه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وكذلك تجاه نظام بشار ، خاصة بعد ما تردد عن دعم مصري للمالكي وبشار شمل عتادا عسكريا بخلاف الدعم السياسي والتضييق على ممثلي الثورتين العراقية والسورية في مصر .
وزير الخارجية المصري الجديد أوضح بعبارات واضحة جلية على أن اللقاء كان معنيا بملفات إقليمية حساسة وخطيرة وأن الحديث احتاج إلى صراحة ، وهي كلمة موحية ودقيقة ، وفي تصريحاته للشرق الأوسط قال الوزير المصري حرفيا : (التشاور بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس عبد الفتاح السيسي حيوي ومهم في هذه المرحلة، للتحدث بصراحة عن كل ما يدور في المنطقة من تحديات وتوتر ومشاكل يصعب لأي دولة التغلب عليها بمفردها) ، وهذا أول اعتراف رسمي مصري بأن اللقاء كان حول التحديات والتوترات والمشاكل التي تعصف بالمنطقة ، وليس كما روج الإعلام الرسمي بأنه لقاء لإعلان تأييد ودعم السيسي وتهنئته بالفوز في الانتخابات ، كما أن التهاني والاحتفاليات لا مجال فيها للحديث عن الحاجة إلى "المصارحة" ، وهناك تصريحات للسفير السعودي في القاهرة أحمد القطان فيها إشارات واضحة ـ رغم التحفظ ـ إلى إلحاح الحدث العراقي على اللقاء .
السعودية تراهن كثيرا على السيسي وهي جادة في دعمه ، وحلت له مشكلات صعبة في أفريقيا وفي واشنطن ، ولكن اضطراب الرؤية الإقليمية عند السيسي وغياب الوعي بأن تحالفه مع المالكي يعني تحالفه مع إيران ومشروعها ضد السعودية هو أمر مقلق للغاية للمملكة التي تريد أن تطمئن على مستوى وعمق وجدية شراكتها مع مصر قبل أن تمضي بعيدا في دعم السيسي وإنفاق المليارات على نظامه .
#مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية