نفكير حجري أو غباء زجاجي
قامت حكومة الانقلاب وحلفاءها في مصر بخطوة مثيرة للاهتمام في خضم حربها الباردة ضد دولة قطر,حيث قررت استضافة المعارض/خالد الهيل مؤسس حركة تمرد قطر والتي تطالب بإسقاط النظام الحاكم في الدوحة وتدعي بأنها تملك الآلاف من المناصرين من الشعب ومن العائلة الحاكمة,وقد فتحت وسائل الاعلام المصرية ابوابها على مصراعيها للمعارض/خالد الهيل وبدأت في استضافته في العديد من البرامج التلفزيونية لكي يروج للحركة التي يزعمها,وتأتي أهمية تلك الخطوة في أنها نقلت النزاع في الحرب الباردة بين الطرفين من ملعب الدبلوماسيين إلى ملعب أجهزة الاستخبارات المركزية,فالاجتماعات وتصريحات وزارة الخارجية والتهديدات بالطرد من مجلس التعاون وعقد التحالفات جديدة وحل التحالفات القديمة جميعها كانت ضمن نطاق الحرب الدبلوماسية التي كان كل طرف يحاول فيها التغلب على خصمه بالتصريحات البراقة والكلمات المعسولة.
وبداية أحد الطرفين في اظهار الدعم لخصوم الطرف الآخر سينقل النزاع إلى مرحلة أخطر بكثير من المرحلة الدبلوماسية,ويمكن أن القول بان خطوة مصر الحالية بتلك تشبه حرب الجواسيس التي اشتدت وطئتها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي,حيث كان كل طرف من أطراف الحرب الباردة يحاول كسب ولاء معارض الرأسمالية والشيوعية في العالم الآخر من أجل تجنيدهم لخدمة مصالح بلادهم,وعلى الرغم من أن أجهزة الاستخبارات كانت تقبض باستمرار على اولئك الجواسيس إلا أن كل الطرفين لم يكن ينفك عن محاولته في تجنيد الجواسيس من أجل اضعاف الطرف الآخر.
وأخطر ما في حرب الجواسيس والانشقاقات هو أن فشلها من شانه أن يسبب للدولة المجندة فضيحة سياسية مدوية قد تنسف وزنها الدولي خاصة وأن اطراف تلك الحرب ليسوا بقوة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي,ولكن طالما أن حكومة الانقلاب وحلفاؤها في مصر قد قرروا اتخاذ تلك الخطوة فلا بد إذا من تحليل ايجابياتها وسلبياتها لكي نعرف ما إذا كانت خطوة موفقة او مخفقة,إن خطوة دعم حركات التمرد قد تؤدي ثمارها في حالة ما إذا كانت الدولة الداعمة تمتلك قدما دولية قوية تجعلها ثابتة ولا تكون معرضة للانهيار في حالة فشلها وهذه أولى النقاط التي تؤخذ على خطوة دعم حركات التمرد في دولة الاعداء فحكومة الجنرال السيسي تقف على بركان مشتعل ولم تستطع حتى الآن اخماد المتظاهرون والانتفاضات الشعبية التي تملئ شوارعها كما ان الاقتصاد المصري منهار والكثير من دول العالم لم تعترف بشرعية الانقلاب الذي حدث على يد الجيش المصري,وهو ما يظهر بان مصر حاليا لا تمتلك القوة الكافية لتحمل عقبات تلك الخطوة,.
الأمر الآخر والأكثر أهمية هو أن الدول الداعمة لحكومة مصر لديها سجل سيئ جدا في مجال المعارضة السياسية وعدد الحركات المعارضة لها يعد كبيرا نسبيا من قبل قيام الحرب الباردة بين الطرفين,كما ان حركات المعارضة الداخلية موجودة بكثرة داخل اراضيها وهو ما يعني بان قطر تستطيع بسهولة تجنيد تلك الحركات والاستفادة منها اذا أرادت بل بالعكس فإن اكبرحركات المعارضة في تلك الدول بعيدة في ذات الوقت عن براثن الدولة ومنظمة وذات وزن اكبر من حركة خالد الهيل,لست بصدد الحديث عن حركة تمرد القطرية ولم اكتب عنها لكي ادافع عن قطر لان قطر ليست بأفضل حالا من خصومها,ولكنني اتساءل عن مدى الفائدة المرجوة من تلك الخطوة وهل من اشار على حكومة الانقلاب باتخاذ تلك الخطوة يبحث عن مصالح الشعوب ام عن شق صفوفها؟ والسؤال الاهم من ذلك هو حول مدى استعداد حكومة الانقلاب لتحمل نتيجة تلك الخطوة أم انها لم تفكر سوى بمنظور الغطرسة والفوقية؟الأيام وحدها كفيلة بالإجابة عن تلك الاسئلة وهي من ستحدد مدى حماقة تلك الخطوة من ذكائها.
#مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية