الناس صنفان: صنف عزيز كريم، أبي عظيم، حر خلوق. وصنف ذليل دنيء، نذل حقير، سفيه جبان.
ومعظم الساسة العرب يتنافسون على الصنف الثاني، أيهم يكون الأكثر ذلا ودناءة، والأشهر نذالة وحقارة، والأعظم سفها وجبنا.
ومن هؤلاء من طمع في الصفات مجتمعة فكان الأكثر ذلا ودناءة، ونذالة وحقارة وسفها وجبنا، وأصبح يتنافس مع عالم الحيوان بل فاق الحيوان قسوة وغلظة، وأضحى إلى عالم الشيطان أقرب بعدما ازداد جرمه بسفك الدماء وهتك الأعراض وحبس الأبرياء.
وحديثي اليوم هو عن رجل من الصنف الأول، ورجل من الصنف الثاني، الأول متخابر، والثاني عميل، الأول مرسي، والثاني سيسي، وإن كانت المقارنة ربما يرفضها البعض، خصوصا إن كان يحفظ قول القائل:
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل هذا السيف أمضى من العصا
أما الأول: المتخابر مع حماس: فهو طالب متفوق حصل على أعلى الدرجات في الثانوية، والتحق بإحدى كليات القمة، فتخرج مهندسا ثم اجتهد في طلب العلم فكافح ونافح، وباع له أبوه ما يملك حتى أتم تعليمه فأضحى أستاذا جامعيا يشار إليه بالبنان.
وأما الثاني: فهو طالب محدوود المستوى رمى به مجموعه مع واسطة ليكونا طالبا في إحدى الكليات العسكرية، وظل يتملق كعادة الكثيرين من العسكر فأضحى وزيرا للدفاع.
الأول: المتخابر مع حماس: تشهد له قاعات البرلمان وشوارع مصر وميادينها وسجونها بالجرأة في الحق، والدفاع عن المظلوم، والسعي لتحقيق الحرية.
وأما الثاني: العميل لإسرائيل: فبحكم عسكريته لم يشهد له ميدان بقتال عدو، أو إطلاق رصاصة، إلا ما كان تجاه أبناء مصر وأهل غزة، فقتل من قتل وحاصر من حاصر.
الأول: المتخابر مع حماس: وصل إلى كرسي الرئاسة من خلال انتخاب حر نزيه، ليكون الرئيس المصري وربما العربي الذي وصل إلى سدة الحكم بطريقة ديمقراطية.
وأما الثاني: العميل لإسرائيل: فوصل إلى سدة الحكم عبر طرق ثلاثة: الخيانة، والدم، والتزوير، فأضحى خائنا قاتلا مزورا.
الأول: المتخابر مع حماس: متهم بتهم لا حصر لها من قبل قضاة الثاني، ومن أبرز قضاياه التخابر مع حماس.
وأما الثاني: العميل لإسرائيل: فهو متهم بأنه يهودي الخال، وهذا لا يعيبه حتى وإن كان حقا، لكنه والحق يقال فاق يهود العرب ويهود الدنيا جميعا فأضحى صهيوني الهوى والفعل، ومن فعل فعله فهو عميل أصيل.
الأول: المتخابر مع حماس: تهمته التخابر، ومثل هذه التهمة تعد شرفا يذاع فيعرف، ويشهر فلا ينكر، وهل في العمل من الأشرف والأنقى والأطهر والأعز من عيب؟ إن حماس هي الفئة الوحيدة التي تحررت من كل تبعية للغرب وغيره.
وأما الثاني: العميل لإسرائيل: فتهمته العمالة لعدو أذاق أمتنا الأمرين، فلهم يعين، وعنهم يدافع، وبأمرهم يأتمر، فانقلب على سيده ورئيسه، وقتل وشرد، وسفك وعربد، وفعل بأهل سيناء ما لم يفعله أسياده: ديان وبيجين، ولا شارون ونتنياهو.
الأول: المتخابر مع حماس: المتخابر مع حماس: تخابر في العلن، ولصنيعه العلم كله صفق وكبر، فأجبر الصهاينة على وقف إطلاق النار حين قرر وأمر، فوافقت حماس، واضطر اليهود أن يقولوا للعرض موافقة (ولا مساس)، فهتف الجميع باسمه في الدنيا كلها وفي غزة، بعد أن شعر الجميع أنه يبغي لأمته العزة، فسارت المسيرات وانطلقت المظاهرات.
وأما الثاني: العميل لإسرائيل: فدبر بلبل، وحاك في ظلام، وعرض وقف إطلاق النار فرحبت إسرائيل، وأصرت حماس على الضرب بـ(الطير الأبابيل)، وأدرك الجميع تواطئ العميل لسادته، وأن السيسي مخلص في صهيونيته، إذ قدم في الهدنة ما لم تحلم به إسرائيل، ليقضي على حماس وكل مقاومة في غزة والخليل.
الأول: المتخابر مع حماس: أرسل رئيس وزرائه إلى غزة، فكفكف الدموع، وواسى الجرحى، وزار المرضى، وعزى الشهداء، وقام بجزء من الواجب نحو جيرانه، وبما أملاه عليه شرعه وقرآنه.
وأما الثاني: العميل لإسرائيل: أرسل مدير مخابراته لا إلى غزة بل إلى إسرائيل، فنسق ورتب، وأُمرَ بالخيانة فرحب، وعاد من عند أسياده يجر أذيال الخيبة والعار، ويذكرنا بموقف أبي رغال.
الأول: المتخابر مع حماس: حض الدعاة والعلماء على الوقف بجوار إخوانهم، فتعالت كلماتهم وأقاموا مؤتمراتهم، فوعوا الصغار والكبار، وتحركت الجمعيات والمؤسسات، وانطلقت القوافل وذوو الخبرات، وفتحت المعابر والبوابات، فدخلت الأطعمة والأدوية، والألبسة والأغطية، وتوالت الوفود والحركات، وتنافست الأحزاب والجماعات.
وأما الثاني: العميل لإسرائيل: فأطلق كلاب إعلامه، ورجال داخليته ونظامه، فأرعدوا، ولأهل فلسطين عامة وغزة خاصة أزبدوا، وظهر الحقد في كلامهم، وطفحت البغضاء على ألسنتهم، وأظهر الله خبيئة صدورهم، وما خفي من السوء كان أعظم، وما أضمروا من الشرّ بات أفظع، ويا ليته اكتفى بهذا؛ بل غلّق المعابر، ودمّر الأنفاق، ومنع الطبيب والأدوية، وحرم الشراب والأغذية.
الأول: المتخابر مع حماس: قال لغزة مرتين: لبيك يا غزة. الأولى: وهو حرّ رئيس، والثانية وهو مأسور حبيس، الأولى أما أجهزة الإعلام فكانت مجلجلة مدوية، والثانية من وراء أسلاك السجون فكانت قوية معبرة.
وأما الثاني: العميل لإسرائيل: فأبى إلا أن يكون ذليلا لأسياده، خائنا لأمته وناسه، فقطع الرحم الذي بيننا وبين أهلنا في فلسطين، واكتفى بالود الذي بينه وبين أهله في تل أبيب. بعد أن أوصاه بهذا من قبل في الطائرة رأسه، ومن دفع له المليارات وباع له نفسه.
هذا بعض ما عنّ به القلم، تجاه رجل حافظ لكتاب الله، وآخر خائن لعهد الله، الأول أراد أن يحفظ للإنسان كرامته، وآخر أبى إلا أن يلطخ يده بالدماء ليحقق حلما رأه...
ألا لعنة الله على الظالمين.