جيان شاول – وورلد سوشيالست
لم يكن من الممكن أن تتمّ عمليات القتل الجماعي التي قامت بها إسرائيل في غزة من دون تواطؤ الأنظمة العربية. وقد لعبت مصر، الدولة العربية الأكثر قوة والأكبر في عدد السكان، دورًا حاسمًا في تمكين هجمات الإبادة الجماعية التي شنّتها إسرائيل ضد السكان الفلسطينيين العزل.
فمنذ الاطاحة بالرئيس محمد مرسي وبدء عهد الإرهاب في يوليو من العام الماضي، سارَ الدكتاتور العسكري المصري عبد الفتاح السيسي على خطى أسلافه، فنشر الشرطة عبر الحدود الجنوبية لغزة في رفح. وحاصر منفذ الدخول الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل، وحوّل غزة إلى سجن مفتوح لـ 1.8 مليون نسمة.
وعمل النظام المصري الحليف للولايات المتحدة مع إسرائيل لتشديد الحصار أكثر من ذلك؛ فقام بإعلان حماس منظمة إرهابية، وقام بتفجير أو إغراق معظم الأنفاق التي تربط بين قطاع غزة ومصر، والتي تعد شريان الحياة الذي يستخدم لتهريب المواد الغذائية والطبية ومواد البناء والوقود التي يعتمد عليها الفلسطينيون في غزة.
في وقت سابق من هذا العام، أقامت قوات الأمن المصرية منطقة عازلة أو منطقة فارغة بالقرب من رفح، تمتد لمسافة 300 متر في المناطق المأهولة بالسكان و500 متر في المناطق المفتوحة، من خلال هدم المنازل في المنطقة. وكان الغرض المعلن لذلك هو منع المتشددين الإسلاميين المسلحين في شمال سيناء من استخدام غزة كقاعدة يشنون منها هجمات على سيناء.
كانت شبه جزيرة سيناء، قد شهدت سلسلة من الهجمات التي استهدف فيها الجهاديون خطوط أنابيب الغاز بين مصر وإسرائيل والأردن، فضلًا عن قوات الأمن المصرية. ومع تطابق مصالحها إلى حدّ كبير مع مصالح إسرائيل، فقد عملت مصر بشكل وثيق مع تل أبيب لقمع الجهاديين.
ومع نقص الوقود وإمدادات الطاقة في مصر، قالت الحكومة إنها تدرس السماح لشركات الطاقة العاملة هناك باستيراد الغاز من شركات إسرائيلية. وقد بدأت شركة BG البريطانية للغاز المفاوضات مع إسرائيل لتزويد مصر ب 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنويًّا لمدة 15 عامًا.
وجاء أحدث هجوم إسرائيلي على غزة، بتنسيق وثيق مع مصر، التي سحبت قوات حرس الحدود الخاصة بها في رفح قبل يوم واحد من الهجوم، لتجنب تعرضها للإصابة من قبل القصف الاسرائيلي. كما يقوم الجيش المصري بدوريات مكثفة على الحدود في سيناء لمنع الجماعات المسلحة من شنّ هجمات هناك جنبًا إلى جنب مع حركة حماس. وفي الأسبوع الماضي فقط، أطلق نشطاء في سيناء صواريخ نحو إسرائيل. وقالت قوات الأمن المصرية إنها منعت إطلاق اثنين من الصواريخ من قبل مسلحين باتجاه منتجع إيلات في جنوب إسرائيل.
وقد أثر القصف الإسرائيلي على المباني في الجانب المصري من الحدود، من دون إثارة أي رد فعل من القاهرة. وفقًا لمقال نشر على موقع المونيتور، استهدفت الطائرات المقاتلة مداخل النفق في جنوب قطاع غزة بقنابل شديدة الانفجار؛ ممّا أدى لتدمير المداخل على ذلك الجانب وأجزاء من الأنفاق تحت الأراضي الفلسطينية. وقال أحد السكان إن القصف المكثّف أسوأ بكثير من أيٍّ من الحروب السابقة على غزة، وإنه من نوع مختلف؛ لأنه تسبب في حدوث زلازل غير طبيعية على الأرض، وشبّهه بزلزال بقوة 5 ريختر. ويخشى أنه إذا استمر القصف، فإن الأرض قد تنهار بسبب وجود أكثر من 1.000 من الأنفاق تحت منازلهم.
كما استهدفت إسرائيل أيضًا مكتب قناة الجزيرة القطرية في غزة باثنين من الطلقات دقيقة جدًّا التي أطلقت على التوالي على المكتب. جاء ذلك في اليوم التالي من إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، حظر قناة الجزيرة متهمًا إيّاها بأنها لسان حال حماس. من جانبها، فقد أغلقت مصر مكتب قناة الجزيرة في القاهرة، وحكمت محكمة مصرية على أربعة من صحفييها بالسجن لمدد طويلة بتهمة أنهم يدعمون الإخوان المسلمين والإرهاب في مصر. وهو ما يتماشى مع المعارضة المستمرة لجماعة الإخوان المسلمين وأنصارها في قطر، والتي هي أيضًا موطن لمدير مكتب الشؤون الخارجية لحركة حماس، خالد مشعل.
كما أغلقتِ القاهرةُ معبرَ رفح لمنع الفلسطينيين الفارّين من الجيش الإسرائيلي. ورفضت أن تسمح للجرحى بتلقي العلاج في المستشفيات في مصر، في حين منعت الوفود الطبية وقافلة مساعدات من الوصول إلى سكان غزة.
يذكر أن القصد من هجوم إسرائيل كان عرقلة أي احتمال للوحدة السياسية بين الفصائل الفلسطينية، ومنع إنشاء حكومة الوحدة الوطنية الجديدة التي اتفق عليها قبل أشهر.
كما قام السيسي بتوفير غطاء حاسم للهجوم البري الإسرائيلي، وقام باقتراح مبادرة وهمية لوقف إطلاق النار بعد مناقشتها مع المملكة العربية السعودية وجامعة الدول العربية وواشنطن. وكان أحد العناصر الرئيسة للاقتراح المصري هو إنهاء حكم حماس في غزة، مع عودة السلطة الفلسطينية بقيادة فتح. وأصرت مصر أنها لن تعيد فتح معبر رفح حتى يصبح تحت سيطرة السلطة الفلسطينية بقيادة محمد دحلان، الحليف المفضل لإسرائيل خلفًا لعباس المريض.
#مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية