لماذا انحنيت ؟ ----------
من وراء الغيب المجهول صاح طيف الأب المقبور، يتحدث إلى ابنه الذي أهدر تركةَ أبيه، و أرضه و وطنه ، و نقَضَ وصيتَه.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
أَلـمْ أُوصِـكَ الأمْسَ قَبْلَ الممَاتِ :: فَـأيْـنَ وَصَاتِي الَّتِي مَا وَعَيْتْ؟
وَ فِـيـهَـا كَتبْتُ: “تَزُولُ الجِبَالُ :: و لا تَـنْـحـنِي أَبَدًا” . فَانْحَنَيْتْ
وَ فِـيـهَا “سَتَعْصفُ هُوجُ الرِّيَاحِ :: فَـكُـنْ قِـمَةً صُلْبَةً . ” فَانْحَنَيْتْ
وَ فِـيـهَـا “سَـيـمتدُّ لَيلُ الأسَى :: فَـلا تَـبْتَئِسْ بالأسى” . فَانْحَنَيْتْ
وَ فِـيـهَـا “يَـكُونُ جَفَافٌ وَ جُوعٌ :: فَـمُتْ بِالطَّوَى شَامِخًا” . فَانْحَنَيْتْ
وَ فِـيـهَـا “انتَصِرْ بِالثباتِ العَتِيِّ :: وَ بِـالـصَّبْرِ فِي عِزَةٍ” . فَانْحَنَيْتْ
وَ قُـلْـتُ تَجَنَّبْ مَخَازِيَ الطّرِيقِ :: و لـكنْ لخزي “الطريقِ” انتَهَيْتْ
و عَـانـقْـتَ فيه الأفاعي الكبارَ :: و مِـن سُمِّها – يا غبيُّ – ارتويْتْ
رأيـناك في “الشرم” بئس الذليل :: تنازلت - في خسة - ما ارعويت
فَـأيـن وصـاةُ أبِـيـكَ الَّـذي :: إلـى دفْء مُـهـجتهِ قدْ أَوَيْتْ؟
و كَـمْ سـهـرَ الليلَ يَحمِي حِماكَ :: وَ يـبـكِـي دمـاءً إذَا مـا بَكَيْتْ
و يَـحـمـلُ عـنْكَ هُمومَ الحَياةِ :: و يَـرْعَـى الـذي بعدَهُ مَا رَعَيْتْ
عَـصـيتَ وَصَاتِي التي صُغْتُها :: بـدمِّـي، و لـلـمُخزياتِ مشيْتْ
و كُـنْـتُ أَظُـنُّـكَ نعمَ الوريثُ :: فـكـيفَ تَبيعُ الذي مَا اشتريْتْ؟
فـبـعْتَ جَوادِي الأصيلَ الكريمَ :: و أُمًّـا، و أُخْـتًـا، و أَرْضًا، و بَيْتْ
و شـعـرِي بـعْتَ، و نخْلِي بعْتَ :: و سيْفِي، و رُمْحِي، و سرْج الكُمَيْتْ
و بـعْـتَ سـريـرِي الذي فوقَهُ :: وُلـدْتَ، و كمْ نمْتَ حتى اسْتَوَيْتْ
لـلـصٍّ بَـغِـيٍّ، عُـتُلٍ، زَنِيمٍ :: عـلى قدميه – خَسئْتَ – ارتميْتْ
لِـتَـلْـثَـمَ نـعْـلـيـه في ذِلَّةٍ :: و تَـلْـعَـقَ طِينهمَا.. مَا استَحَيتْ
فـكـيـفَ تَـبيعُ التراثَ العزيزَ :: بـكِـسْـرَةِ خبزٍ، و نقطةِ زَيتْ؟!
و تـاجٍ مـن الشوكِ يُدمي الجبينَ :: و وعـدٍ كذوبٍ، و”كِيْتٍ، و كيْتْ”؟!
و عـرشٍ حـقـيـرٍ، لـهُ لمْعةٌ :: مـن الـبهرجاتِ.. إليهِ ارتقيْتْ؟
و لـمْ تـدْرِ أنَّـكَ حـين اعتليْتْ :: هَـبـطْـتَ بمَا أنْتَ فيهِ اعتليْتْ
و فـي موكبِ الذُلِّ صرْتَ الأميرَ :: ذلـيـلاً، كـسيحَ المسارِ، مشيْتْ
فـلا تـمْـلـكُ الأمـرَ إمَّا تَشَا :: و لا الـنـهـيَ تـملكُ إمَّا نويْتْ
و تـصـدعُ بـالأمـرِ إمّا أُمِرْتَ :: و يـنـفـذُ أمْـرُ العِدا إن نهيْتْ
فـلـمَّـا سـكرْتَ بخمر الخِداعِ :: و مـالـتْ بكَ الخمرُ لما انتشيْتْ
غـدوْتَ لـغـيـرِكَ أضـحوكةً :: فـليسَ سوى الخُسْرِ ما قدْ جَنيْتْ
و قـلْـنَـا “اكتفيْتَ بما قدْ جَمعْتَ :: مِـن الـعَـارِ”، لكنما ما اكتفيْتْ
فـعـن قـوسِ أعدائنا قد رَمَيْتَ :: فـواحـسرتاهُ على من رَمَيْتْ!!
بـسـهـمـكَ خـرَّ عزيزٌ أَبِيُّ :: بـجـمـرِكَ قلبًا طهورًا.. كَوَيْتْ
أتـحـمِـي حـياةَ العدوِّ العقورِ :: و أيـضًـا تُراثِي لهم قدْ حميْتْ؟!
أأبـكِـي عـلـيكَ؟ أأبكِي إليكَ؟ :: أأبـكِـي عـلـينَا لِمَا قدْ جَنيْتْ؟
فـفـي غـدِكَ المُستباحِ الجريحِ :: سـتـصرخُ “ياليتني ما انحنيْتْ”
و يـرتـدُّ سـهـمُـك في مُقلتيكَ :: و لـن يُـنـقذَ البيتَ آلاف “لَيْتْ”
فـلـيـس لما قدْ كسرْتَ انجبارٌ :: بـمـا قد جررْتَ، و ما قدْ غويْتْ
و تُـدْركُ – بـعـدَ فواتِ الأوانِ :: بـأنـكَ لـمَّـا انْحَنَيْتَ.. انْتَهَيْتْ
و مَـا دُمْتَ قدْ بعْتَ حتَّى الحُطامَ :: و لـم تُـبْـقِ أُمًّا، و أرضًا و بيْتْ
فـإنِّـي أخـشـي غدًا أنْ تبيعَ :: عِـظَـامِـي، و قبرًا بِهِ قدْ ثويْتْ
#كلنا_حماس #مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية