بشائر النصر
لماذا يستهدفون الإخوان دون غيرهم؟!
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
السؤال المطروح دائمًا: لماذا يحرص الأمريكان والصهاينة والصليبيون وعملاؤهم في الداخل على إقصاء الإخوان، وإبعادهم عن الحكم؟! بل ملاحقتهم في كل مكان وإسكات صوتهم؟!.. رغم نهج الجماعة السلمي، ورغم تاريخها الناصع، وتصريحات قادتها وأدبياتهم التي تؤمن بالتعددية، وتحترم الآخر، وتتخذ الديمقراطية منهاجًا سياسيًا لها؟!
وعلى الرغم من تعدد الجماعات السياسية والدعوية في منطقتنا، وعلى الرغم من أن بعضها يرفع صوته بالعداوة للأمريكان والصهاينة، والبعض الآخر يرفع السلاح في وجههما، ويهدد مصالحهما حول العالم فإنها - أي هذه الجماعات - لا تمثل أزمة لقوى الاستكبار العالمي مثلما تمثله جماعة الإخوان المسلمين.
في اعتقادي، أن السبب الرئيس في تلك العداوة المستحكمة، هو ما أنجزه الإخوان المسلمون -منذ أن ظهروا علي الساحة - من خلق شعور إسلامي دفّاق، يركن القوي إليه، ويعتز الضعيف به، ويأمل الجميع في ثمراته ونتائجه. وهذا من أثر (الأخوة والجماعة) التي رُبِّي الإخوان المسلمون عليها، ولا غرو في ذلك فاسمهم نفسه يحمل هذا المعنى (الإخوان)، وقد جعل الإمام البنا (الأخوة) أحد أركان البيعة العشرة، وفسرها بقوله: "أن ترتبط القلوب والأرواح برباط العقيدة، والعقيدة أوثق الروابط وأعلاها، الأخوة أخت الإيمان، والتفرق أخو الكفر، وأقل القوة قوة الوحدة، ولا وحدة بغير حب، أقل الحب سلامة الصدر، وأعلاه مرتبة الإيثار".
لقد أحيا الإخوان ما اندرس من علاقات الأخوة ورباط الدين، وأعادوا زمان جيل الصحابة والسلف الكريم، بما كان يحمله من حب وتناصح، وتكافل وتعاون.. وقد أسعد هذا الجو الرباني الملهم الملايين ممن انضووا تحت لواء هذه الدعوة المباركة.
وأيقظت هذه الجماعة العقول بالوعي، والقلوب بالإيمان والحماس، ودفعت الجميع إلى العمل، وأثرت على النساء كما أثرت على الرجال، وغيرت المفاهيم، ونقلت الجماهير من التفكير العلماني إلى التفكير الإسلامي، ومن التبعية إلى التحرر، ومن الولاء للغرب وحضارته إلى الولاء لله رب العالمين.
يقول د. يوسف القرضاوي: «ولقد عرف القاصي والداني مقدار الترابط المتين الذي يربط الإخوان بعضهم ببعض، فهم صورة ماثلة لما أراده الحديث النبوي: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» فهم في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم أشبه بأبناء الأسرة الواحدة، بل بأعضاء الجسد الواحد.
ولقد لاحظ أحد الصحافيين مدي الترابط الإخواني فقال في ذلك كلمة مشهورة: "هؤلاء هم الجماعة الذين إذا عطس أحدهم في الإسكندرية قال له مَنْ في أسوان: يرحمك الله!".
لقد أزالت التربية الإخوانية كل الحواجز، وأسقطت كل الفوارق، التي تفصل بين الناس، قومية أو وطنية أو لغوية أو لونية أو طبقية، ولم يبق إلا أخوة الإسلام، ونسب الإسلام.
وفي دور الإخوان ترى المهندس والعامل، والطبيب والتومرجي، والمدرس والفلاح، وابن الذوات وابن البلد، والشيخ والشاب.. وهكذا من كل الفئات، وكل الأعمال، ولا تجد بينهم إلا الأخوة التي كانت قبلُ بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، على تفاوت أجناسهم وألوانهم وأنسابهم وطبقاتهم، وصدق الله العظيم إذ يقول: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ} [سورة الحجرات: 10].
ولقد كان المركز العام للإخوان في القاهرة ملتقى عالميا، وبوتقة تصهر فيها كل الجنسيات، ولا يبقى إلا رباط العروة الوثقى، وكلمة التقوى، كلمة الإسلام.. ففيه كنت ترى العربي والعجمي، والأفريقي والآسيوي، والشامي، والمغربي، والأبيض والأسود، والأصفر والأحمر، جاءوا من مختلف الأوطان، وحملوا شتى الجنسيات، وتكلموا بمختلف اللغات، وربما كان بين دولهم بعضها وبعض خصومات ونزاعات، ولكنهم هنا «إخوة أشقاء» في «دار العائلة» ورمز الوحدة الإسلامية: دار الإخوان.
وكثير منهم من اندمج في إخوانه المصريين حتي غدا واحدًا منهم، وإن كان يحمل في الأصل جنسية أفغانية أو عراقية أو هندية، أو غيرها.
ولقد أبرزت محن الإخوان المتلاحقة من ذلك العجب العجاب. فكم من رجال أكلت السياط (الكرابيج) من لحومهم حتى شبعت، وشربت من دمائهم حتى ارتوت، وهم صامتون لا يريدون أن يدلوا على إخوان لهم. وربما أدى طول صمتهم إلى أن فاضت أرواحهم في «زنازين» العذاب، راضية قلوبهم، حتي لا يؤذوا إخوانهم بسبب كلامهم.
وكم من شباب حمَّلوا أنفسهم فوق ما يطيقون من العذاب ليبرئوا ساحة غيرهم، ممن يعلمون أنه أكثر عيالا، أو أقل احتمالا.
وكم من شباب كانوا خارج الاعتقال معافين لا يعرف عنهم أحد شيئًا، عز عليهم أن يتخلوا عن أسر إخوانهم بعد اعتقالهم، فنظموا شبكة منهم لجمع تبرعات واشتراكات، لإرسال معونات دورية إلى تلك البيوت التي فقدت عائلها، فافتقرت بعد غنى، وذلت بعد عز، وبهذا عرّضوا أنفسهم للملاحقة فالاعتقال فالتعذيب فالمحاكمة، فالسجن المؤبد والمؤقت مع الأشغال.
هذا سبب رئيس لاستهدافهم الإخوان، فإنهم لا يريدون للمسلمين أن يجتمعوا تحت راية واحدة، أو يجمعهم رباط واحد، حتي لو كان هذا الرباط هو الأخوة، بمعناها الإنساني المتحضر الذي سيعم خيره على الجميع.
#شبكة_صوت_الحرية #انتخبو_العرص