بين رئيس النمسا والسيسي
أجريت في العام 2006 حوارا مع رئيس النمسا الدكتور هاينز فيشر، وكعادتي قبل إجراء الحوارات مع كبار الشخصيات على وجه الخصوص من صناع القرار سواء كانوا رؤساء أو وزراء أو مسؤولين كبار أن التقي بهم قبل البرنامج للحديث في أمور عامة تكسر الجليد بيننا قبل حوار عادة ما يجرى على الهواء ويتناول قضايا شائكة من ناحية ومن ناحية أخرى نتحدث بشكل عام حول المحاور الأساسية للحوار.
وقد حدد لي مدير مكتب الرئيس موعدا لتناول فنجان من القهوة معه قبل الحوار بيوم، ذهبت إلى موعدي وكان معي مرافق لديه سيارة ليموزين كان يعمل سائقا ومترجما حيث يتكلمون الألمانية هناك، ذهبنا قبل الموعد بأكثر من ربع ساعة على اعتبار أن موعدنا مع رئيس دولة حتى وإن كان على فنجان قهوة، والقصر الرئاسي في النمسا لمن لا يعرفه يقع في وسط المدينة وهو قصر قديم يعود لعهود الامبراطورية النمساوية التي كانت تسيطر على مساحات واسعة من أوروبا وأكثر من سكنته شهرة هي الامبراطورة ماريا تريزا التي تنتشر تماثيلها في كل أنحاء البلاد، ويعتبرها النمساويون واحدة من حكامهم القدامى العظماء وفق تاريخهم لذلك حينما بحثت عن مكان في القصر لتصوير البرنامج أعجبتني إحدى الغرف فطلبت من المخرج أن يرتب مع إدارة القصر لتكون هي مكان تصوير الحلقة ففوجئنا أن الغرفة التي طلبنا تصوير البرنامج فيها هي غرفة النوم الخاصة بالامبراطورة ماريا تريزا فقلت لمسؤول التشريفات في القصر هل يضايقكم ذلك؟ فقالوا على الاطلاق وأذكر للدعابة أني حينما كنت أقدم الحلقة مع الرئيس مباشرة أشرت إلى ذلك، حيث كانت الأقمشة المصنوعة من الساتان الأحمر تغطي جدران الغرفة .
نعود للقصر الرئاسي في النمسا الذي يسمى قصر الشعب وسمي بهذا لأنه فعلا قصر للشعب حيث تفتح بواباته من الصباح الباكر للشعب وتكون حديقته حديقة عامة حتى المساء كما أن أحد الشوارع العامة تخترق القصر وتمشي فيها الباصات والسيارات العامة والخاصة طوال اليوم من ثم فإن المدخل الحقيقي للقصر يكون بابه الخشبي القديم الكبير وليس أسواره الخارجية التي يمكن لأي شخص أن يجتازها دون أي حراسة أو سؤال إلى أين يمشي أو يتجه حتى يصل للبوابة الداخلية الخشبية الذي عادة ما يقف عليها جندي واحد .
أمام تلك البوابة الخشبية مباشرة كان هناك موقف سيارات لا يبعد عن البوابة سوى بضعة أمتار اختار مرافقي الموقف الأول المقابل لبوابة القصر وأوقف فيه سيارته ونزلنا وتوجهنا للبوابة وأبلغنا الجندي أو الضابط الذي يقف عليها أن لدينا موعدا مع الرئيس تأكدوا من هوياتنا ورافقنا شخص إلى مدير مكتب الرئيس تناولنا القهوة واخترت مكان التصوير ونزلنا واستغرق الأمر كله أقل من ساعة، نزلنا وبعد خروجنا من الباب وجدنا شرطيا يقف عند سيارة مرافقي ويحرر لها محضرا ويلصق عليها مخالفة، فورا توجه مرافقي للشرطي وتحدث معه بالألمانية ثم توجهوا للجندي الذي يقف على باب القصر ثم عاد ومعه الشرطي الذي حرر المخالفة فأزالها من على السيارة ثم صافح مرافقي وانصرف، بعدها تحركت السيارة التي كانت تقف إلى جوار سيارتنا ثم وقفت أمام باب القصر فوجدت الرئيس النمساوي قد ركبها وليس معه سوى سائقه وشرطي في المقعد الأمامي، قلت لمرافقي: بالله عليك ماذا يحدث هنا؟ أليس هذا هو الرئيس وهذه سيارته التي كانت تقف إلى جوار سيارتنا ؟..
#احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية