بدا الأمر غريباً، فقد جاءت 3 يوليو، وحرمنا من متعة الجلوس أمام شاشة التلفزيون المصري، والقنوات الخاصة، ونحن نشاهد وصلات الرقص الشعبي، من النساء اللاتي يرين في عبد الفتاح السيسي أنه الأمل والمنى، وهن يحتفلن في كل المناسبات العطرة، بمحاولات استدعاء «أوساط» اختفت في ظروف غامضة، من جراء تراكم الشحوم، الناتجة عن أكل المحشي بأنواعه!
الفضائيات التي اهتمت بهذه الذكرى، لم تنقل سوى صورة واحدة، وهي الخاصة بالثوار، الذين كانت حشودهم لافتة في هذه الذكرى الأليمة، التي شهدت انقلاب وزير الدفاع على رئيسه، واختطافه له، وإعلانه وقف العمل بالدستور، وتسريح الحكومة ليظل هو الوحيد المستمر فيها. فالصورة الأخرى غير موجودة، لأن أنصار السيسي لم يخرجوا للاحتفال بالذكرى، وتركوا الشاشات للقوى الموالية للشرعية، تواصل نضالها التاريخي، لا يضرها من ضل!
الثوار خرجوا للشوارع منذ الصباح الباكر، وظلوا فيها طيلة اليوم، في جو حار للغاية، وهم صائمون، ليذكروننا بأيام الله، عندما كانوا يحتشدون في ميدان رابعة، وكان مع قيامهم ونضالهم « يحلى السهر».
الشيخ محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف في حكومة الدكتور مرسي تحدث عبر الجزيرة، والجزيرة مباشر مصر، وربما في قناة « رابعة» عن أن الوزير الانقلابي هو من رجال أمن الدولة. وهو الذي زامله في هيئة كبار العلماء بالجمعية الشرعية التي قامت بفصل الوزير بعد الثورة. ولم يهتم جنابه بالرد على الشيخ الصغير، لأننا في عهد الانقلاب عدنا إلى عهد مبارك عندما كانت العمالة لأجهزة الأمن من مبررات الفخر. وقد ظهر الشيخ مظهر شاهين مؤكداً علي هذا الشرف الآن!
إمام ومراسل
لا أعرف لماذا دفع شيوخ الثورة، رجلاً كمظهر شاهين أن يتخطى الرقاب، ويقدموه على أنه «خطيب الثورة»، فأدخلوا علينا الغش والتدليس. وعندما هاجم الإخوان وهاجموه انبريت مدافعاً عنه، ولم أتوقف عند تعليق البعض على ما كتبته، بأنه إذا كان مناضلاً حقاً فكيف يعين في مسجد كمسجد عمر مكرم الذي يعد المسجد الرسمي للدولة في تشييع الجنائز، وتقبل العزاء. وتعيين خطيب في زاوية يستدعي موافقة جهاز مباحث أمن الدولة، فما بالنا بمسجد عمر مكرم؟!
كان مظهر شاهين، يأتي يوم الجمعة بالعمامة والقفطان، إماماً وخطيباً، وبعد لحظات يرتدي ملابس الفرنجة ويتحول إلى مراسل تلفزيوني لقناة «سي بي سي». وفي تجليات الثورة كان هو الأقرب إلى المطالبين بحتمية الحل الثوري، لاسيما في أحداث محمد محمود الأولى والثانية. ومع ذلك ترحب به دوائر الانقلاب الآن.
وفي بداية عهد محمد مرسي، انحاز للرئيس الإخواني، فربما كان يخطب الجماعة من أجل دنيا يصيبها، لكن الإخوان كانوا في مرحلة «لن نهزم بعد اليوم من قلة» فلم تتم مكافأته على هذا الموقف. ونظراً لدفاعه عن الإخوان ورئيسهم المختار، فقد منعته القوى المناهضة من صلاة الجمعة في ميدان التحرير، في واحدة من مظاهراتهم ضد الرئيس، وقاموا بطرده شر طرده. وقد قبلوه الآن وقبلهم!
كنت من المؤمنين بأن الثورة تجب ما قبلها، عندما كان يعتبر البعض دفاعي عن مظهر شاهين سقطة. وربما كان شيوخ الثورة من أمثال صفوت حجازي يدفعونه للخطابة والإمامة باعتباره من المؤلفة قلوبهم (المعني الديني هنا ليس مقصوداً) وربما الأمر يرجع لحالة التوقير لرجال الأزهر من قبل الدعاة غير الأزهريين. وقد كان الرئيس مرسي يصلي إماماً بكل الدعاة الكبار في قصر الرئاسة ومن اسحاق الحويني الى محمد حسان. لكن في حال حضور الأزهري الدكتور محمد الصغير كان يقدمه، لأنه في الأصل إمام بالأوقاف. والإمامة وظيفتهم.
دهاليز الأوقاف
وزير أوقاف الانقلاب، عقد مؤتمره الصحافي بعد مقابلة مع عبد الفتاح السيسي، وان كان قد نفي أن يكون قد قرر تحديد موعد صلاة التراويح، إلا انه لم ينف صدور قرار بمنع الأئمة من الدعاء بأن يسلط الله الظالمين على الظالمين. وباعتبار أن الظالمين هؤلاء، والظالمين هؤلاء، ينتمون للعائلة الانقلابية!
لا بأس، فالبأس الشديد، أن أنصار ونصيرات زعيم الانقلاب المفدى لم يخرجوا في المناسبة التاريخية للاحتفال بذكرى ثورتهم، فحرمونا بالتالي من مشاهدة وصلة من الرقص الشرقي، عندما تهتز الكروش بديلاً عمن جرى وصفه تمجيداً له بأنه «كمنجة».
كأنه قدر ومكتوب، ففي 3 يوليو من العام الماضي، لم تنقل الفضائيات سوى صورة المشهد الانقلابي، واحتفالاته، وقد غيبت الصورة الأخرى، على نحو جعلني أظن أن الجميع استسلم للانقلاب، وعندما قال لي صديقي إبراهيم الدراوي الصحافي المحبوس الآن في سجون الانقلاب، أن هناك من اتصل به ليخبره أن الأمور على ما يرام في ميدان رابعة، قالها بشكل مقتضب، فاعتبرتها كلمة هو قائلها للتسرية عني.
اختفاء الصورة الأخرى كان بفعل الانقلاب، الذي داهمت قواته استوديوهات الفضائيات، ومكتب قناة الجزيرة بالقاهرة، لمنع نقل الصورة الأخرى. وبعد يوم أو يومين، بثت بعض الفضائيات من رابعة، وعرفنا يومها اسم قناة «اليرموك» الأردنية، والتي كانت سابقة في النقل والبث.
استمعت إلى احد أنصار الانقلاب بإحدى الفضائيات وهو يرد عن سؤال حول السبب في عدم خروج جماهيرهم لتحتفل بذكرى 3 يوليو، أو 30 يونيه، فقال لأننا الآن في وقت عمل. فأضحك بما قال الثكالى، فرئيسهم المختار الذي قال «دقت ساعة العمل» وجدناه في اليوم التالي في سباق الدراجات، وقد اصطحب معه الفنانين والفنانات والحكومة ورئيسها في مشهد بائس.
احتفالات الناس بعد ساعات العمل الرسمية، لن تخل بنواميس الكون، لكن ما هو السبب في هذا الامتناع الجماهيري، عن الاحتفال بالذكرى العطرة وإمتاع نظرنا بأشجار الجميز وهي ترقص.
الواقع، أن السيسي وقف بنفسه، ومن خلال الانتخابات الرئاسية على أن شعبيته انخفضت علي نحو مثل مفاجأة له. فكثير من أنصاره، كانوا يرونه المنقذ، الذي أسقط الرئيس المنتخب حماية لمصر، لكن بترشحه وقفوا على أنه انقلب طمعاً في الحكم.
وقد استشعر هو هذا الانخفاض في الشعبية منذ قراره بالترشح فلم ينزل للجماهير ويعقد مؤتمرات انتخابية، لكنه لم يكن يدري أنها بهذا الانخفاض إلا في أيام الانتخابات. ثم أن البعض كان يظن ان كثيرا من الأزمات ستحل بمجرد أن يصبح رئيساً، وربما كان لا يمانع هؤلاء في أن تكون أزمات مفتعلة حتى ينسب له حلها، لكن الذي حدث إنها تفاقمت مع توليه مهام منصبه مثل أزمة الكهرباء ونقص الوقود واختفاء رغيف الخبز المدعم في ظروف غامضة. وبدا السيسي أمام أنصاره بدون رؤية أو قدرة علي حل أي مشكلة. وها هو يرفع الدعم تدريجياً عن الوقود. فحتى الـ 300 فرد الذين احتفلوا في ميدان التحرير في يوم التنصيب وفي ليلة الاغتصاب الكبرى، لن يجدهم في هذا اليوم.
السيسي يعلم مسبقاً أن حشود الثوار في هذه الذكرى ستكون مختلفة، وان فتح ميدان التحرير لبضع مئات من المؤيدين، سيجعل من السهل للثوار دخوله في وجودهم، ولهذا تعامل على أن الباب الذي يأتي منه الريح سده وأستريح.
من الآن فصاعداً فلن تجدوا سوي صورة واحدة علي شاشات الفضائيات التي تقدم الرأي والرأي الآخر… وستحرمون من احتفالات نصيرات السيسي بوصلات الرقص الشرقي. أما الفضائيات الأخرى فلن تجدوا عليها سوى صور لميس الحديدي، ونائلة بناية، وأماني الخياط… لتعويض العجز في الصنف الآخر.
الأيام دول.
أرض – جو
لا يروق لي برنامج رامز جلال، لكن في المقابل بدت أثار الحكيم (65 سنة) بالضجة التي أحدثتها كمن وجدت ضالتها في هذا البرنامج، لتدفع كثبان النسيان عنها… من يتذكر دوراً مهماً لأثار الحكيم في كل مسيراتها الفنية علي طولها؟!
لا تغضبكم مذيعة التلفزيون المصري التي طالبت السيسي بأن يعلن مصر بلداً «علمانية» فمعلوماتها عن العلمانية لا تتجاوز معلومات رئيس قسم الحوادث بإحدى الصحف الكبرى. فعندما قتل الدكتور فرج فودة على أيدي الجماعات المتطرفة. اتصلوا من «الأهرام» برئيس القسم ليعرفوا كيفية التعامل مع الحادث، وكان في منزله… فسأل: لماذا قتلوه؟… فكان جواب من يهاتفه: لأنه علماني. فظنها ألماني، فعلق: ألماني وجاء ليقتل في مصر؟: خبر على عمود في الصفحة الأولى. وتم تدارك الموقف في الطبعات اللاحقة بعد ان وجدوا ان الخبر هو مانشيت كل الصحف الأخرى.
صحافي من مصر
selimazouz@gmail.com
سليم عزوز
#مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية