اخر الاخبار

الخميس , 7 أغسطس , 2014



حمار أنطاكية .

" جبران خليل جبران " أراد أن يوصل معنى من خلال حوار فلسفي خيالي بين حمارين ( الحفيد والجد ) .
حيث مر كلاهما فوق جسر أنطاكيا ، فوجدا حجراً مكتوباً عليه : " هذا ما بناه الملك الروماني .... " .
فدار حوار بين الحمارين ، عرف فيه الحمار الحفيد أن الذي نقل أحجار الجسر هم اجداده الحمير ، فوجه سؤاله للحمار الجد : لماذا لم يكتبوا : هذا ما بناه حمير أنطاكيا ؟؟!! .
معنى فلسفي عميق يستحق الوقوف عنده .
وإيضاحاً لهذا المعنى نقول : إنه ليس من حق حمير أنطاكيا أن يُكتب اسمهم على لوحة شرف الجسر .
لأن مسلوب الإرادة يحمل الأحجار على ظهره سواء برغبته أو رغماً عنه ، وفق أهداف وضعها غيره ، مسخراً إياه لتنفيذها ، وليس وفق هدف يضعه هو لنفسه ، أو يتوافق فيه مع جماعة من البشر يحققون به أهدافاً جماعية مشتركة ، أو يتوافق مع بني وطنه خلف قيادة رشيدة تحترم حقوقهم لتحقيق أهداف وطنية يتوافقون عليها .
فالحيوان يسير وفق هدف صاحبه ، والعبد يسير وفق هدف سيده ، وكل مسلوب الإرادة فاقد الوعي يسير وفق أهداف وضعها غيره رغبة في تسخيره .
فإذا كان الجمل على ضخامته وقوته ، يستطيع طفل صغير أن يروضه ويوجهه ، فهذا طبيعي رغم فارق الحجم والقوة لأن الطفل هنا هو صاحب الإرادة والهدف ، والجمل مجرد أداة سخرة .
لذلك فلا تعجب حين تعلم أن بريطانيا احتلت مصر والهند والعراق وغيرهم في وقت واحد برغم أن تعداد الشعب الانجليزي نقطة في بحر هذه الشعوب المحتلة ، ولكنها نفس علاقة الطفل والجمل ، هذا ذو إرادة وذاك مسلوب الإرادة ، هذا ذو وعي وهدف ، وذاك فاقد الوعي يسير لتنفيذ أهداف من يسوقه .
ولذلك ليس للشعوب المحتلة حق في أن توضع في لوحة شرف تأسيس امبراطورية بريطانيا العظمى لأنهم فقط ينقلون أحجاراً .
حتى أبناء المستعمرات الذين خدموا السيد البريطاني بجدِ وإخلاص ، ومنهم من قاتل في صفوف البريطانين ضد شعبه ، ومنهم قضاة حكموا بالإعدام على الثوار من شعبهم ، ومنهم ساسة ورجال أعمال طوعوا البلاد لخدمة المستعمر ، كل هؤلاء ميزتهم فقط عن فاقدي الوعي من مواطنيهم أنهم حمير المقدمة وغيرهم ممن رضي بالاحتلال حمير المؤخرة .
وفي المقابل تجد مدينة بمساحتها وعدد سكانها تعادل حياً من أحياء القاهرة ، تتحدى الاحتلال رغم المفارقة الهائلة في الامكانات ، بل وتتحدى عالماً مات ضميره ، وأخاً تخلى عن قضيته ، وتمتلك إرادتها ، وتضع أهدافها ، وتصنع سلاحها ، وتدعم بظهيرها الشعبي طليعتها المقاومة .
الخلاصة : أن أي إنسان أو شعب يسير في الحياة فاقد الوعي ، مغمض العينين ، مسلوب الإرادة ، فسيكون مصيره مصير حمير أنطاكية، وظيفتهم فقط نقل أحجار لبناء صروح غيرهم. وحالة حمير أنطاكية لا ترتبط بكثرة عدد أو ثروات ( بريطانيا نموذجاً )
ولا ترتبط بقوة ولا ضعف مادي ( غزة نموذجاً )
ولكنها ترتبط بامتلاك الإرادة .
ولا إرادة بغير : دافع يحفزه إيمان ، وهدف يحميه وعي ، وعمل يتقدمه تضحية .

بقلم : مهندس / محمود صقر
07/08/2014

#مكملين
#احنا_متراقبين
#ارحل_يا_عرص
#مرسى_رئيسى
#كلنا_مسلمين
#شبكة_صوت_الحرية


القراء 2125

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net