بقلم:جبريـــ الملك ــل
لاشـك فـي أن مفـهوم الـرحمـة كباقـي المفاهـيم العقليـة التـي لاتخـلو مـن تـرجمان خارجـي يوضـح نوعها مـن خلال سلوكياتها وتأثيرها عـلى المجتمع الأُسـري والشـعوبي، فتارةً تكـون إيجابيـة وتارةً أخرى سـلبيـة حسـب ماتحملـه في طياتها مـن لون رحماني أو عدواني بغيض، فالرحمـة مفهـوم ذهنـي لـه مصـاديق وترجمان خارجـي كـفيل فـي أيصـال المجتمعات الـى مسـتوى عالٍ مـن الرُقـي والتكامـل الأخلاقي والسـمو فإيجاده عـلى السـاحـة التطبيقيـة خـط فاصـل بيـن أستمراريـة الشـرور أو أنعدامهـا بإنعدام التـوافقات الأقتتاليـة وتصـعيد وتيـرة العداء والعنف، لذا فكـل مانراه اليـوم مـن شـرور وأقتتال وتمزيق ونيران حـرقت الأخضر واليابس هـو محصـلة لتلك المفاهـيم التـي رسخها أئمـة الضلالـة فـي أذهان المجتمعات العربيـة والإسـلاميـة منها والغربيـة عازفـة على وتـر الطائفيـة والعرقيـة التـي ما أنفكـت عـن أستمراريـة الدهـلزة فـي أروقـة الظلاميـة الباعثـة نحـو التمزيق الأنفُسـي وكـل ذلك عائديـته النفعيـة لإبليس عليه لعائـن اللـه فهـو الخـط الأول والمعادي للمكون البشـري، فكـل مايحصـل اليوم مـن قتل وأقتتال وتشـريد وتطريد وتمزيق هـو من نتاج ذلك المفهوم الخاطئ، فلو كان عنصـر الرحمـة وهـو المائـز الأول للأنسانيـة متوفـر فـي أنفُسـية المجتمعات لما وجدنا للشـرور طريق ونفوذ بل لما وجـدنا مبادئ التحقير والتنكيل وتبادل سـهام الحسد والبغضاء بين البشريـة جمعاء، فأبليس ومخـططاته لـو جوبهـت بسـهام الرحمـة والـرأفة والشـفقـة لما وجـد الشيطان قيد أنملـة فـي الأرض صالحـة لتنفيذه تلك المخططات، ومـن خلال ذلك يتبين لنا أن كـل الحـركات التكفيريـة الراميـة لقتل النفس المحترمـة الراميـة لقتل الأنسان والإنسـانيـة هـي حبلٌ مـن حبائِل إبليس ظاهـرها ذا طابع ديني داعـي للوحدانيـة وباطنها إشـراكي معادي ومخالف للوحدانية والتوحيد أذ انه جلَّ وعلا يعطي علة من علل إيجاد الخلق والخلائق بهيئـة شعوب وقبائل وهـي التعارف والمخالطـة والتبادل المعلوماتـي والحضاري حيث قال:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) ولـم يقـل ليقتل بعضـكم البعض ويُكفِّر بعضـكم البعض، ولاننسـى إن للقيادة الأجتماعيـة والدينيـة الدور الأكبر فـي تلك التطبيقات فلولا فتاوى التكفير فتاوى القتل والتمزيق والطائفية والضغط على أوردة العرقيـة والتمييز العرقي لما وجـدت هذه التطبيقات الأنهزامية رواجاً بين أوساط الشـعوب التي جُبلت على التعايش السـلمي والإيجابي، لذلك دائما مانجـد فـي سلوكيات وتطبيقات المحقق الصـرخي بذور الرحمـة ونبذ الخلاف حيث قال تحت عنوان (ذو القلب الرحيم يخافه إبليس) …
(إن سادس مـن يخشاه إبليس لعنه الله هـو ذو القلب الرحيم الذي يهتم لأمور المسـلمين بغض النظر عـن دياناتهـم وطوائفـهم وتوجهاتهـم، يهـتم للأطفال يهـتم للنساء يهـتم للشـيوخ يهـتم للأبرياء يهـتم للسـجناء يهـتم للنازحـين يهتم للمهجرين)
نعم فالعالم الرباني والقائد الديني والسياسي لاشيء يُذكر إن لم يكن حاملاً للجينات الأنسانية والرحمانيـة (فكلكم راعٍ وكلكم مسـؤول عـن رعيته) هذا قانون اللـه ورسول اللـه ومن تخلا عـن ذلك فهو خارج ربقـة الإسلام والأنسانيـة فليس من الدين وليس من الإسلام بل ليس من الأنسانية برمتها مـن لم يهتم لأمور الناس على مختلف نحلهم وطوائفهم ماداموا هم داخل النظام البشـري ومادام المتصدي متصدي لقيادة المجتمع أذن هـو مسـؤول بالدرجـة الأولى عـن كل مايحصل فـي المجتمع من تشـرذم وقهـر وتمزيق