مما لا يخفى على احد ما للغة العربية من سمات واساليب تميزها عن غيرها من اللغات , حتى صارت لها خصائص كثيرة جداً أهلتها لان يختارها الله لغةً لكتابه المجيد , وحيث كان لهذا الاختيار الالهي أثر بالغ في حفظ اصالتها وكل خصائصها والتي من ابرزها الفصاحة والبلاغة .
ولعل من ابرز الوجوه البلاغية في اللغة العربية هو الحذف , حيت كان المتكلم العربي يميل الى الاختصار والابتعاد عن كل ماهو ثقيل , فاسلوب الحذف هو اسلوب دقيق لطيف يكون فيه الحذف افصح من الذكر , ولهذه الظاهرة عدة اسباب منها كثرة الاستعمال وطول الكلام وبعض الضرورات المعينة . ولعل اوضح الامثلة واكثرها اقناعاً ما ورد في القران الكريم من تقطيع الحروف وحذف لكلمات واجزاء من الكلام في مواضع كثيرة يضيق المقام بذكرها . وبعد كل هذا الكلام علينا ان نتقبل الحذف الذي يستخدمة اهل مجالس الشور في مجالسهم عند الذكر والتسبيح بأسماء اهل البيت عليهم السلام , وهذا ما ورد في الرد على الاستفتاء الذي قُدم لسماحة السيد الصرخي بهذا الصدد , حيث يقول سماحته في معرض اجابته :
(( لا يخفى على أجهل الجهّال، أنّه قد تنوّعت الاستعمالات القرآنية لظاهرة الحذف في اللغة بحيث صارت الأحرف المقطّعة أحد العناصر الرئيسة في
#القرآن_الكريم، كما في الآيات المباركة: {ن}، {ق}، {ص}، {حم}، {طه}، {طس}، {يس}، {الم}، {الر}، {طسم}، {المر}، {المص}، {كهيعص}، وورد في الروايات والتفاسير أن كلّ حرف منها يدل على لفظ أو أكثر وأن كلا منها يدل على معنى أو أكثر...... الحذف ظاهرة موجودة في اللغة العربية وتعدّ أيضًا من أساليب القرآن الكريم ويراد بها في اللغة: "قَطْفُ الشَّيْء من الطَّرَف.... ورد عن الإمام علي (عليه السلام ): كلّ ما في القرآن في الفاتحة، وكلّ ما في الفاتحة في بسم الله الرحمن الرحيم، و كل ما في بسم الله الرحمن الرحيم في باء بسم، وأنا النقطة التي تحت الباء ... أمّا إذا كان ذلك من باب الحذف مع وجود ما يدلّ على المعنى المقصود وهو ما يُفهم من السؤال، حيث يعلم السائل والمستشكل أن الحرف يقصد به الإمام الحسين أو الحسن أو أمير المؤمنين أو الزهراء أو المهدي أو باقي الأئمّة أو جدّهم النبي الأمين(عليهم الصلاة والتسليم)، وبحسب ما هو ظاهر حال المجالس المنعقدة عادة، وهذا جائز ولا إشكال فيه لا شرعًا ولا لغة ولا بلاغة ولا أدبًا ولا أخلاقًا، وهو أسلوب لغويّ بلاغي متّبع ومعروف وتتميز به اللغة العربية ومن إبداعات البلاغة ))
وبهذا اثبت سماحته وبالادلة العلمية القاطعة , ليس جواز وشرعية اساليب مجالس الشور من تسبيح وحذف فحسب , بل أضفى عليها صفة البلاغة والدقة والفصاحة , وليترك الجهلة من المعترضين بغير علم ولا فهم في حيرة من امرهم .. وهكذا يدمغ العلمُ الجهل ويسقطه ولعل في ذلك سبباً لهداية كل يفتي ويشّرع بغير علم