الاثار العراقية وإشكالية التقييم الديني
باقر الديواني
قلما نلاحظ في المشروع الاسلامي رجلاً يهتم بالجانب الوطني او الحضاري للبلد، حيث يعرف أن اغلب الفقهاء ان لم يكن الجميع يميلون نحو الفقه والاصول والتاريخ ونحو ذلك مما هو متداول في المدارس والمساجد الدينية، ولم يتحول الفقه الى المجتمع والى الواقع إلا في نطاق ضيق جداً وفي فترات محدودة، وبهذا يبرز بسهولة الفقيه الاجتماعي او الفقيه الميداني بسهولة ويسر لانه لا منافس له على ارض الواقع، وتعد مشكلة التعامل مع الاثار من اهم الاشكاليات التي بينت الخلط الذي وقع فيه من تصدى للادارة الاجتماعية والدينة، وبنفس الوقت ذهبت الاثار بسبب سوء الفهم والتقييم الحقيقي لها الى ضحية يلتقطها الغرب وغيرهم فيجعلون نها كنوزا فقدت من يد أهلها، فبعد الفوضى العارمة التي حصلت بعد عام 2003 والتي لم تبق لم تذر، طالت يد الفوضى المناطق الاثرية في العراق المشهورة وغير المشهورة حتى اصبحت نهباً لأفراد ولجماعات وتباع في الاسواق الرخيص وبعضها يتلف او يكسر لانه لم يكن ذهباً مثلاً، ومما ساعد او شجع على ذلك هو ضبابية الموقف الديني او سيطرة رجال دين غير مدركين لاهمية الموضوع، والبعض كان يعده كنزا او ملكاً خاصاً بواجده ان هناك فتاوى كانت صادرة وتصدر على إنه يجوز نبش الاثار واخذها و التعامل بها بيعا وشراء مما جعل الاثار تنتهب وتباع الى مصادر خارجية حتى اصبحت رخيصة في المتاحف العالمية ويجلب لها الزوار من كل مكان، واصبح من السهل تزييف الحضارة والتاريخ، رغم كل ذلك كان الفقهاء في ذلك الوقت يختلفون بين ان تكون الاثار معدناً او غنيمةً او مجهولاً للمالك ، وهذه العناوين تحلل للفرد ان ستخرج الاثار ويعطي منها نسبة مالية بسيطة فتصبح ملكاً له يبيعها او يتصرف بها كيفما شاء،
لكن في نفس الفترة برز راي مخالف لكل هذه الاراء برز بقوة وبثقة نفى ان تكون الاثار من مصاديق الكنز او الغنيمة او المجهولة المالك، وهو لابرز الفقهاء المعاصرين هو المرجع المحقق السيد الصرخي حفظه الله، الذين عرف عنهم اراءهم العميقة والموضوعية التي خرجت من دائرة التقيد بمدلول النص الى مدلول الزمان والمكان والقيم المعنوية، فحرم نبش الاثار وحرم بيعها وشراءها والتداول فيها واعتبر ذلك جريمة بحق العراق وشعبه وتاريخه وصدر له اكثر من موقف اقتبس لكم واحداً من هذه البيانات والمواقف الصادر بتاريخ ( 12 / 31 / 3 / 2007م بعنوان اثارنا تربطنا
اولاً: النظرة المادية والنظرة المعنوية للاثار
يشير هنا في بعض عباراته الى نظرتين مختلفتين للأشياء مرة الجانب المادي الصرف ومرة الجانب المعنوي ولعله غالبا م يكون هو الاهم خاصة اذا ما اطلعنا على الجوانب المعنوية في موضوعة الاثار العراقية
ثانياً: الاثار القديمة رمز لوحدة
ان من ينظر الى الاثار يكتشف عمق العلاقة والارتباط بين العراقيين السالفة في التاريخ التي جمعت كل الاطياف العراقية في التاريخ تحت عنوان موحد يمثله اليوم اسم العراق((..أنها توحّدنا لوحدتنا القديمة الازلية على أرض الرافدين التي تكشفها وتعبّر عنها الآثار القديمة..)
ثالثاً: الاثار العراقية شاهد الحضارة
من اهم النواتج التي تظهرها الاثار وخاصة الاثار العراقية هي انها تحكي عن حضارة وتحكي عن بلد اعتنق القراءة والكتابة والعلم والفكر والهندسة والاديان منذ بداياته الاولى.
إذن فالآثار لها اكثر من جانب وبعد معنوي وشرعي واخلاقي وتاريخي فهي ليست مجرد اواني او قدور تحسب ذهباً او تحفيات او انتيكات وإنما هو تاريخ وحضارة وشواهد بل هي رمز للوحدة والبقاء والاستمرار ولهذا فانه قد افتى بفتواه الشهيرة التي تناقلتها الاوساط المعرفية (.... فالآثار القديمة يجب صيانتها والحفاظ عليها لأنها تربطنا وتشدنا لأرضنا وعراقنا الحبيب وشعبه العزيز والمفروض أنها توحّدنا لوحدتنا القديمة الازلية على أرض الرافدين التي تكشفها وتعبّر عنها الآثار القديمة ، فهي فخرنا وعزّنا لأنها تضيف عنصر وأساس قوة لنا ولأرضنا فيصح أن نقول بل الواقع يثبت أن العراق أصل ومنبع الحضارات وأرض الأنبياء وشعب الأوصياء والأولياء الصالحين الأخيار ، ) بيان رقم -41- آثارنا تربطنا بأرضنا
فهذه النظرة الموضوعية الحقيقية التي يكتبها لنا هذا المرجع الصرخي المرجع الفذ فاستحق ان يكون مرجع الفكر ومرجع الميدان