لا يخفى على احد الفتن التي عصفت بالدولة الإسلامية بعد وفاة الرسول صل الله عليه واله وسلم والتي كان جلها يصب في مصلحة واحدة وهي تدمير البنى التحتية للإسلام ولقد كان لتلك الفتن ايادي خفية انتهجت النهج الشيطاني لضمان وصلها الى السيطرة على الامة الاسلامية وعلى رأس هؤلاء هم البيت الأموي ونذكرها على شكل محطات :
المحطة الاولى :محاولة ابو سفيان بن حرب تدمير الإسلام وإشعال نار الفتنة بين الصحابة بعد حادثة السقيفة حيث قال أبو سفيان بن حرب : يا عليّ ، ابسط يدك أُبايعك ، فقد علمتني في الحرب لا أبي وأتثبّط ، فإن تُرِد قتالا فو الله لا ملأنها عليهم خيلا ورجالا . فقال عليّ ( عليه السلام ) لخالد خيراً كثيراً ودعا له بالخير وقال : " لقد علمتك ناطقاً سبّاقاً إلى كلِّ خير ، انصرف ننظر في ذات بيننا ، فعندي من رسول الله عهد ، ولئن بايعني رجال من المسلمين لأطأنّهم بسيفي ، وقليل ما هم " . قال أبو سفيان : اجعل ربقتها يا عليّ في عنقي . قال عليٌّ ( عليه السلام ) : " امضِ يا أبا سفيان ، وما غناؤك والأمر لمّا يلتئم ! " . قال خالد بن سعيد : فإنّا على أثرك ونصب أمرك ؛ إن قعدت قعدنا وإن نهضت نهضنا .(الإرشاد 1 : 190 ؛ والفصول المختارة : 248)
المحطة الثانية: دور المغيرة بن شعبة في قتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهنا ننقل ما جاء على لسان المحقق الصرخي في التحقيق بهذه الحادثة :
((لا أُريد الدخول في التفصيل لعدم مناسبة البحث، لكن لابدّ من إشارة ضرورية تتناسب مع خطورة الحادثة وعِظَمِها:
أـ لا يخفى على العاقل أنّه إذا وقعت جريمة فإنّ المحقق والباحث وكل عاقل ينظر إلى المستفيد منها وخاصّة إذا كان هناك شخص أو جهة مستفيدة ومستفيد أكبر مع وجود تهمة ثابتة واقعًا تدلّ عليها الأفعال والأقوال والمواقف!!
ب ـ هنا جريمة اغتيال رئيس الدولة وخليفة المسلمين واقترن اغتياله مع تصريحه وتعهّده في بسط العدل والأمان في العراق وبين أهل العراق، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ(رض) قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ وَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ قال{{ أَتَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ؟ ..انْظُرَا أَنْ تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لاَ تُطِيقُ ..لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ لأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَداً (فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ رَابِعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ){{
جـ ـ المغيرة كان واليًا على الكوفة، لكنه كان ممنوعا من جبي الأموال وكان عثمان بن حُنيف هو المسؤول عن ذلك، وكان عُمَر قد التقى بمسؤولَي العراق عثمان وحذيفة وأوصاهما بالعراق وأهله خيرا وتعَهّد بأن يجعل العراقيين في خير وأمان الى الحد الذي لا تحتاج فيه أرامل العراق إلى الرجال وكل ذلك حصل دون حضور والي الكوفة المغيرة!!!
كما وان منفّذ الجريمة مملوك للمغيرة بن شعبة، وحسب تصريح عُمَر أَنّ قاتلَه لم يكن مسلمًا بل كان مجوسيًّا فلا يجوز له دخول المدينة وأرْض الجزيرة حسب وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتنفيذ عمر للوصية بدقّة وإصرار، فهنا سؤال عن السماح بدخول المجوسي قاتل عمر المدينة!! وكيف قَبِل عُمر دخولَه المدينة؟ ولماذا وافق الخليفة على طلَبِ إدخاله عندما طلب ذلك منه المغيرةُ بنُ شعبة مالكُ أبي لؤلؤة؟!
المحطة الثالثة: فتنة الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه فالمتتبع لسيرة الخليفة عثمان نجد ان نقمة المسلمين كانت بسبب سوء تصرف بني امية من اقارب الخليفة عثمان وتسلطهم على رقاب الناس والاستحواذ على الاموال والتنعم بها دون حق وحادثة الكتاب الذي وجد عند الغلام الاسود المملوك للخيفة عثمان وكان الكتاب يحمل في طياته قتل الصحابي محمد بن ابي بكر ومن معه حيث جاء فيه : اذا اتاك محمد بن ابي بكر وفلان وفلان فأقتلهم ،وابطل كتابهم وقر على عملك حتى يأتيك رأيي.(المصدر فتح الفتوح ابن الاعثم 2/211 والطبري 5/115( .
وينقل ابن قتيبة في كتابه عن هذه الحادثة ((...ثم دخلوا على عثمان ومعهم الكتاب والغلام والبعير فقال علي : الغلام غلامك ،والبعير بعيرك؟ فقال :نعم .قال: فأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال :لا ، وحلف بالله ما كتبت ، ولا امرت ، ولا علمت .فقال له فالخاتم خاتمك ؟ قال :نعم .قال فكيف يخرج غلامك ببعيرك وكتاب عليه خاتمك لا تعلم به ؟...فقال قوم منهم لا يبرا عثمان عن قلوبنا الا ان يدفع الينا مروان ، حتى نعرف كيف يأمر بقتل رجال من اصحاب رسول الله ...))(المصدر الامامة والسياسة لابن قتيبة ص63 )
وبهذا وغيره يكون للأمويين اليد الطولي في تدمير الإسلام وقتل الصحابة وتزيف الحقائق وصنع اسلام دموي المتمثل اليوم في الفكر الداعشي التيمي هذه الشراهة والتفنن في التعذيب والعقوبات – التي ما أنزل الله بها من سلطان – أخذها الدواعش عن النواصب ، والنواصب عن بني أمية .