فعلاً إن التاريخ مملوء بالمفاجآت والأحداث المدسوسة والكاذبة ثم يأتي الطائفي والتكفيري ويبني عليها مبنى يكفر فيه هذه الطائفة أو تلك، فلتتصور عزيزي القارئ اللبيب أنه على مدى ثلاثمئة عام لم تثبت بالدليل القطعي والنقلي أن الزهراء- عليها السلام- أسقطت سقطًاً اسمه المحسن!! وهذا ما يثبته الشيخ المفيد والشيخ الطبرسي من كبار المحدثين لدى الطائفة الشيعية ولم يقتصر الأمر على ذلك بل كان أبعد من ذلك وهو انتفاء وجود المحسن في القرن الأول والثاني والثالث للهجرة فمن أين أتى الطائفيون بهذا الموضوع ولفقوا عليه الأمور !!! وأترك القارئ العزيز ليتأمل ما ذكره المحقق الصرخي حول القضية حيث ذكر قائلًاً:
((عَلَى مَبْنَى الشّيْخ المُفِيد(رض) فِي نَفْيِ وُجودِ المُحسن..... فَإنّه يَبْطُل وَيَنتَفِي وُجودُ الإسْقَاط لِلْمُحسن، لَا فِي حَادِثَةِ بَيْتِ فَاطِمة(عَلَيْها الصّلاة وَالسّلام) وَلَا قَبْلَ ذَلِك!!.....فَتَكون القضيّةُ مِن السّالِبَةِ بِانْتِفَاءِ مَوضُوعِها!! وَإثَارَة العَوَاطِف بها تَعْنِي التّغْرِيرَ وَالخُرَافَة!!
ثَانِيًا ـ الطّبرسِيّ يُطَابِقُ المُفِيد فِي نَفْيِ وُجودِ المُحسن:
أـ عَلَى نَفْسِ مَنْهَجِ وَمَبْنَى الشّيخ المُفِيد سَارَ الشّيخُ الطّبْرسِي فِي نَفْيِ وُجُودِ المُحسن، حيث قال{الحَسَن وَالحُسَين وَزَيْنَب وَأمّ كلثوم، اُمّهم فَاطِمَةُ(عَلَيهم السّلام)}.....وَفِي المُقَابِل قَد قَلَّلَ وَضَعّفَ وَوَهّنَ القَائِلِين بِوُجودِ المُحسن وَإسْقَاطِه، فقَالَ:{وَفِي الشّيعَة مَن يَذْكرُ أنّ فَاطِمَة(عَلَيها السّلام)أسْقَطَت ذَكَراً}!!
بـ ـ قَالَ الطّبرسيّ:{فِي ذِكْرِ أوْلَادِ أمِير المُؤمنِينَ(عَلَيه السّلام): وَهُم سَبْعَةٌ وَعشرونَ وَلَداً، ذَكَراً وَأنثى: الحَسَن وَالحُسَين وَزَيْنَب الكُبْرَى وَزَيْنَب الصّغْرَى(أمّ كلثوم)، اُمّهم فَاطِمَةُ البَتولُ بِنت سَيّد المُرسَلينَ(صَلَواتُ الله وَسَلامُه عَلَيه وَعَلَيهم أجمَعِين)}
جـ ـ بَعْدَ أن ذَكَرَ أسماءَ الإنَاث وَالذّكور، مَن أعقَبَ وَمَن دَرَج، وَاخْتَارَ ذَلِك وَبَنَى عَلَيه...فَإنّه فِي المُقَابِل قَد أشَارَ إلَى قِلّةِ وَضَعْفِ وَوَهْنِ القَوْلِ وَالقَائِلِين بِوُجودِ المُحسن وَإسقَاطِه، قال:{وَفِي الشّيعَة مَن يَذْكرُ أنّ فاطِمَةَ أسْقَطَت بَعدَ النّبِيّ(صَلّى الله عَلَيه وَآلِه وَسَلّم) ذَكَرًا، كَانَ سَمّاه رَسولُ الله(عَلَيه وَعَلَى آلِه الصّلاة وَالسّلام)مُحسنًا، وَهُو حَمْل}[إعلَام الوَرَى]
د ـ بِذَلِكَ، ينْكَشِفُ مَبْنَى العُلَمَاء وَسِيرتُهم فِي نَفْيِ وُجودِ المُحسن، المُستَمِرّ لِثَلَاثَةِ قرونٍ هِجْرِيّة(الرّابِع وَالخَامِس وَالسّادِس) الّتِي يُمَثّلُها المُفِيد وَالطّبرسِي!!
هـ ـ كَذَلِكَ، يَنكَشفُ نَفْسُ المَبْنَى وَالسّيرَة فِي القرون الهِجْرِيّة السّابِقَة(الأوّل وَالثّانِي وَالثّالِث) الّتِي جَاءَ مِنْهَا التّرَاث الرّوَائِي الّذِي قَرَأه وَفَهِمَه وَبَنَى عَلَيْهِ المُفِيدُ وَالطّبرسِيّ!!))
يعني بمقتصر مفيد نحتاج إلى تحقيق فائق الدقة لكي نتناول بعض الأحداث التاريخية التي يطبل لها الطائفيون بدون مراجعة آراء العلماء بإثباتها أو نفيها ونستطيع القول أن التطبيل والتهليل لكي قضية طائفية يسري مسرى النار في الهشيم في جسد الأمة ومن قبل أعدائها الذين يطمحون ويخططون لبقاء الفرقة والتشتت بين أبناء الإسلام، أو الأغبياء الذين يطبلون لتلك القضايا والغاية منها المنفعة وكسب عواطف الناس .
نعيم حرب السومري