حول دعم الجيش المصري لمحاولة إبادة غزة
يدور الحديث بشدة حول دعم الدولة المصرية وبخاصة جهازي الجيش والمخابرات لحرب إبادة غزة و الجاري تنفيذها الآن. كل الشواهد توكد ان الدولة المصرية في اقل الأحوال راضية بما يحدث من الاعتداء الإجرامي الإسرائيلي وان كانت الشواهد تدل علي أكثر من الرضا من خلال المشاركة السلبية في دعم الجانب الإسرائيلي عن طريق منع القوافل الطبية و غلق المعابر الخ.
السؤال هو هل هذا موقف يصب في صالح امن الدولة المصرية؟
مبدئيا ومن الناحية الأخلاقية والعقائدية الأمر محسوم بالنفي ولكن ومع الأسف الشديد دعنا ننحي العنصر الأخلاقي والعقائدي جانباً وننطر اليه من الناحية السياسية و العسكرية فكما قال كسينجر "السياسة هي فن السفالة الأنيقة" حيث لا مكان لأخلاق.
مبدئيا كل دولة في العالم تبذل ما في وسعها لضمان استباب الأمن علي حدودها من كافة الجهات. فيتم تفعيل التعاون المشترك والتفهامات المتبادلة بما يضمن ربط المصالح المشتركة واستباب الاستقرار الأمني الحدودي مما يؤدي الي ازدهار الداخل و زيادة قدرة الدولة علي صد التهديدات الخارجية من غير دول الجوار.
مثال: تخيل للحظة ان الحدود الأمريكية المكسيكية في الجنوب أو الحدود الأمريكية الكندية في الشمال كان يشوبها التوتر أثناء هجمات سبتمبر هل تتخيل ان الولايات المتحدة كانت تستطيع الرد العسكري بنفس الطريقة اللتي ردت بها؟ الإجابة الأكيدة هي لا لانها كانت لابد ان تحسب حساب الجار المتحفز. فمنذ القديم أدركت الدولة الأمريكية انه من اجل الصولات العسكرية المطلوبة لضمان الهيمنة الأمريكية يجب ان تستقر الحدود. و في هذا الإطار نفسه يمكن فهم الحرب الإسرائيلية علي غزة. فإسرائيل تسوق للعالم ان حربها علي غزة هي بهدف صد الارهاب المهدد لحدودها. لكن ما يحار المرء في فهمه هو الفائدة العائدة علي مصر من جراء تأييد الجانب الإسرائيلي في هذه الحرب.
هل غزة تمثل تهديداً لمصر؟ كيف؟ لم يثبت حتي الآن حادث واحد يدين أهل غزة أو يورطهم قي أي قلائل في سيناء أو في مصر كلها علي الرغم من إصدار القضاء المصري حكماً باعتبار حركة حماس الحاكمة في غزة منظمة إرهابية بدون إدانة أي من قادتها بأي تهمة!!! علي حين علي سبيل المثال تمثل الهجرة المكسيكية الغير شرعية الي أمريكا صداعاً مزمناً يكلف الدولة بلايين الدولارات سنوياً الي جانب تجارة المخدرات والثابت بالأدلة تورط المكسيك في إغراق أمريكا بها مع ذلك لا قصف ولا غلق معابر ولا و لا ولكن محادثات دائمة علي أعلي مستوي وتعاون لمحاولة حل المشكلة مع ان الحل العسكري من اعتي القوي العسكرية يبدو سهلاً و مريحاً ولكن تكتيكياً هو خطا بشع إذا نفذ لاثره الكارثي علي ازدهار الداخل
من الناحية التكتيكية تعتبر إسرائيل مصر عدواً وألا لماذا الإصرار علي إخلاء سيناء من السلاح علي الجانب المصري فقط كأحد بنود اتفاقية السلام و لماذا الكشف المستمر عن جواسيس داخل مصر يعملون لصالح إسرائيل علي حد قول جهاز المخابرات المصري. من هذا المنطلق تصبح غزة عمق دفاعي لمصر يجب الحفاظ عليه لاستعماله للضغط علي إسرائيل وقت الحاجة. وبعدم دعم عزة تقوم مصر بالتفريط في هذا العمق الدفاعي
ثانياً لا يمكن لأي دولة عاقلة ان تفتح جبهات متعددة في نفس الوقت وخصوصاً علي حدودها المباشرة. بالنظر الي الدولة المصرية يحتار المرء في الفهم. فهناك جبهة متوترة مفتوحة في الحدود الغربية مع ليبيا و هناك جبهة متوترة أخري مفتوحة في الجنوب مع السودان. و هناك غزة. اين الجيش الذي يمكنه الأداء علي هذه الجبهات؟ حادث الوادي الجديد والذي راح ضحيته ٣١ جندي مصري يمكن ان يعطي فكرة عن النتائج الكارثية لهذا السياسة الغير رشيدة. الم يكن أولي تدريب هؤلاء الجنود وترك الحدود مع إسرائيل لغزة لتنوب عن مصر هناك.
الم يكن من الأولي استعمال غزة كورقة ضغط أمام إسرائيل التي تدعم سد النهضة الإثيوبي
أما إذا مازال هناك من يصدق إرهابية أهل غزة فالبنظر ألي ما يبرز الآن من الإمكانيات العسكرية والتقنية التي يبديها المقاتلون هناك يتضح جلياً ما كان يمكنهم عمله فعلاً داخل مصر إذا كانوا يريدون نشر الإرهاب فيها.
أخيراً حتي إذا كان دعم إسرائيل هدفه توطيد أركان الحكم الانقلابي فهذا عير مضمون. فقط انظر ألي ما فعلته إسرائيل بمحمود عباس وبل كلينتون وحتي جيمي كارتر راعي اتفاقية السلام عقب تأليفه كتاب ينتقد عنصرية الدولة الإسرائيلية عقب الشروع في بناء الجدار العازل.
حتي مع تنحية الجانب الأخلاقي و العقائدي يحتار الإنسان في فهم الموقف المصري
المشكلة هي ان هذه الخطوات الغير مسؤولة ينتج عنها آثار يعاني منها أجيال و أجيال ويحتاج إزالة آثارها لأجيال.
اتمني ان يخرج من داخل مصر موقف مدعوم بالحقائق والدلائل التي توضح هذا الموقف الغير حكيم سياسياً ناهيك عن مخالفته الموقف العقائدي وحتي يحدث ذلك تستمر الحيرة!
#مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية