اخر الاخبار

الإثنين , 29 ديسمبر , 2014



الحرب على الإسلام: فى العالم الغربي وأصدؤها فى مصر بالذات تلفت النظر بشدة للتناغم العجيب بين هذه الحملات المشتعلة الآن فى الإعلام الغربي والمصري على السواء .. سأذهب مباشرة إلى الأسباب الفكرية الكامنة فى العقل الغربي منقِّبًا عن الجذور الأصيلة العميقة لهذا العداء ، الذى يفاجئنا فى دورات هستيرية من الكمُون والانطلاق : الآن نحن نعيش للمرة الثانية "الحربَ على الإرهاب الإسلامي" ، منذ أطلقها بوش الصغير فى بداية حملته العسكرية على أفغانستان سنة ٢٠٠١م .. وقام السيسي بتجديدها وممارستها فى مصر .. متناغما مع الدعوة الأمريكية للحرب على الإرهاب.
ليس هناك أبعد أثرًا ولا أرسخ فى الذهن ولا أقدر على تشكيل مواقف الإنسان عبر حياته كلها من التعليم الأساسي للمدرسة .. والكتب المدرسية الغربية عن الإسلام ( دينه ونبيه وتاريخه وثقافته) طافحة بالأكاذيب والتحريف والتشويه المتعمّد ؛ لصياغة عقلية الطفل الغربي على العداء للإسلام..
أعرض فى هذه العجالة لواحد من الكتب التى تدرّس للتلاميذ فى بريطانيا عنوانه "ظهور الإسلام" : من أول صفحة يصفعك المؤلف بهلوساته عن الهجرة النبوية .. كمدخل للموضوع .. فماذا يقول للتلاميذ الإنجليز.. عن الهجرة النبوية..؟ إنه يقول بالنص:
"فى منتصف ليلة صيف من سنة 622 ميلادية اقتحم الجنود منزل محمد تنفيذا لأمر حكومة مكة باعتباره عدوّا للشعب ولخطورته على أمن المدينة، التى هى المركز التجارى لقريش بين العرب .. انتزع الجنود أهل محمد وخدمه من فراشهم .. وأخذوا يتصفحون وجوههم على ضوء مشاعلهم .. يبحثون فى الوجوه عن ذلك الرجل الذى يدّعي أنه رسول الله .. والذى تآمر سرّا مع أعداء قريش من أبناء مدينة يثرب (المنافسين التجاريين لقريش) ..
وفي أثناء الهرج والمرج تسلّل محمد متستّرا تحت جُنح الظلام .. مصحوبًا بتابعه ورفيقه فى التجارة أبو بكر .. هرب الإثنان إلى تلال الصحراء ليختبئا فى أحد الكهوف بعيدا عن الأعين .. وفى الصباح أعلنت قريش جائزة مائة ناقه لمن يأتي برأس محمد .. فخرج كثير من جيرانه يبحثون عنه طمعا فى الجائزة السخيّة ... وبعد أيام اقترب محمد من يثرب (إسمها الآن المدينة) وخرج أهلها يستقبلونه .. فهم لا يعتبرونه خائنا كما اعتبرته قريش وإنما رسول من عند الله .. دخل محمد المدينة فى حراسة سبعين جنديّا تحت أقواس النصر، وقد أطلق أتباع محمد على الفرار من مكة إلى المدينة إسم "الهجرة" .. ولأهمية هذا اليوم أصبح بداية تاريخهم ..."
يتابع المؤلف المهرّج حديثه عن حياة محمد القلقة غير المستقرّة فى المدينة: "فقد أنفق السنوات العشرة التالية فى حروب دموية مع قريش .. والسبب أن كتابه المقدس (القرآن) -الذي يعتقد المسلمون من أتباعه أنه كلمات الله- يحث فيها محمدا على ألا يأخذ أسرى من أعدائه إلا بعد أن (يُثْخِنَ فى الأرض) ويجعل منها مجازر تفيض منها الدماء .. وتطبيقا لهذه الفلسفة القرآنية وقف محمد من يهود بنى قريظة -عندما استسلموا له- نفس الموقف (الذبح والسبْي) ..
وقد سار أتباعه على سنته فى الحروب لمقدسة؛ التى أسموها الجهاد.. وهى حروب بشعة شنها المسلمون على الإمبراطوريتين البيزانطية والفارسية فى سوريا ومصر والعراق وغيرها من المدن شرقا وغربا...".
وهكذا يمضي المؤلف الصليبي يفتري على التاريخ الإسلامي دون سند إلى وثيقة ولا دراسة ؛ فيطلق كلاما كاذبا ، بدون أى جهد حتى لتمحيص ما يقول فيقع فى التناقض بلا وعي .. يقول مثلا:
"الخليفة الرابع علي بن أبى طالب [هو ابن أبي بكر ..!] ومع ذلك فهو عنده ما يزال ابن عم محمد -حسب زعمه الذى استمر يردده- كيف؟؟ -لا أحد يعلم..! .
يمضى المؤلف الأعجوبة فى ترويج تُرّهاته فيقول: إن عليًّا تولى الخلافة بدعم من قتلة عثمان الخليفة الثالث .. ومن ثم أصبح موضع شكّ فى نظر كثير من المسلمين .. ولذلك حملوا السلاح ضده ..
م لاحظ بشاعة الافتراءات والتناقض عندما يقول: وقامت عائشة -زوجة محمد- على رأس جيش من أتباعها لقتال عليّ [ والتناقض فى كلامه هو: أن عائشة تكون وفقا لكلام المؤلف هى شقيقة علي باعتبارها بنت أبي بكر أيضا..!].
وهكذا يمضي الكتاب يبث الأكاذيب والمفتريات عن الإسلام والمسلمين.. ويصور تاريخ الإسلام كله من أوله إلى آخره كسلسلة من المجازر الدموية البشعة فى منطقة الشرق الأوسط؛ أكثر مناطق الدنيا اضطرابا وتخلّفا وهمجية (حسب قوله) ..
حتى يجيء مصطفى كمال أتاتورك فيحاول أن يضع حدّا لكل هذا الاضطراب والهمجية، ليقترب من النموذج الغربيّ المتحضر: فيلغي الإسلام والقرآن واللغة العربية، ويحرّم الأذان فى المساجد ويلبس القبّعة على رأسه .. ويتعاطى الخمر مع ندمائه وخلّانه ومستشاريه من الفرنسيين والإنجليز ...!! ".
هذا الكتاب هو أحد الكتب التى تصدر ضمن سلسلة من الكتب المدرسية البريطانية الشهيرة باسم [مارشال كافنديش للتعليم] .. يشرف عليها لفيف من أبرز الأساتذة والمؤرخين والفلاسفة بجامعات لندن وأكسفورد وكامبريدج أمثال : "برنار وليامز" و "ألان بولوك" و "دبليو جوردون إيست" .. وستكتشف فى هذه السلسلسة نماذج صارخة للكذب والافتراءات على الإسلام وحضارته وتاريخه وعلى المفاهيم الإسلامية ذاتها...
وعلى هذا النمط نفسه ستجد كتبا مدرسية فى جميع البلاد الغربية ، قام أكاديميون مسلمون برصدها وتسجيلها فى قوائم ، مصنفة تحت أسماء الدول التى تصدر فيها .. كتبٌ مخصصة لتعليم أبنائهم ما يجب أن يعرفوه عن الإسلام والمسلمين ، حتى يتعاملوا معه ومع أتباعه في مستقبل حياتهم ، من منطلق هذا العداء ؛ يستوي فى هذا الجندي الذي سيحارب فى العراق أو أفغانستان أو ليبيا أو مصر .. والمثقف والفنان الذى سيعرض ما تعلمه عن الإسلام والمسلمين في الصحف والكتب والإعلام .. والسياسي الذى سيتعامل معهم فى المجال الدولي مثل بوش وتونى بلير وساركوزي وأنجلا ميركل وبرلسكونى، و بابا الفاتيكان ، وغيرهم ممن سمعنا عنهم ومن لم نسمع ..
كلّهم أبناء ثقافة نمطية واحدة من صناعة المدرسة والإعلام المسموع والمرئيّ الذى يقوم بمهمة بالغة القداسة فى غسل عقول البشر ووضعهم فى قوالب فكرية وعاطفية معبّأة بالكراهية والاشمئزاز والاحتقار للإسلام والمسلمين .. جاهزة للانقضاض على المسلمين عند أول نداء ..



القراء 1122

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net