لقد خلق اللهُ الانسانَ مجبولاً على عدة ملكات في ذاته , منها الصالح ومنها الطالح , ثم اطلق له الاختيار لتبدأ رحلة الابتلاء الالهي للانسان . فمن يختار طريق الصلاح بالايمان والصدق والايثار والقلب الرحيم فقد سار الى النجاة , ومن وقع في شرك الشيطان الذي يغويه ويحثه على كل رذيلة كالكفر والكذب وحب الانا والحسد وقساوة القلب كانت عاقبته الهلاك .
ومن هنا يبرز دور ابليس اللعين , فمن ينجح ابليس في غوايته فقد صارصاحبه وحبيبه ومن ادواته التي يبطش بها , ومن حارب ابليس اللعين وجنوده بالتمسك بكل فضيلة فقد صار من اعدائه . ومن هذه الفضائل التراحم بين الناس التي جعلها الله من صفات اتباع النبي الاقدس ( صلى الله عليه واله ) في قوله تعالى " والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم " ولذا فالمؤمنون المتراحمون هم اعداء ابليس وهذا ما ورد في اعترافه الصريح الذي اورده الاستاذ المحقق السيد الصرخي الحسني في بحوثه المعنونة " تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الاسلامي " حيث قال سماحته :
" الحوارية التي دارت بين النبي الاقدس محمد ( صلى الله عليه واله ) وابليس اللعين حول اصناف البشر الذين يكرههم ابليس ....ثم قال المصطفى ( صلى الله عليه واله وسلم) : كم اعداؤك من امتي ؟ قال ابليس ( لعنة الله على ابليس ): عشرون , طبعاً نحن نلعن ابليس لكن يوجد بعض الناس , بعض الديانات , بعض التوجهات , بعض الافكار لا ترضى بان نحكي على ابليس بسوء , وستأتي بعض الاشارات الى هؤلاء, قال ابليس : عشرون , اولهم انت يا محمد فاني ابغضك , اذاً اول اعداء ابليس هو محمد ( صلى الله على محمد وعلى ال محمد )... الثاني .... السادس: ذو القلب الرحيم : الذي يهتم لامور المسلمين بغض النظر عن دياناتهم وطوائفهم وتوجهاتهم , يهتم للاطفال , يهتم للشيوخ ,يهتم للابرياء, يهتم للسجناء , يهتم للسجناء , يهتم للنازحين , يهتم للمهجرين ... "
نعم , فالرحمة من صفات البارئ جلت قدرته والتي يحب ان يرى عباده يتصفون بها حتى ورد في الروايات ان الله تعالى قد رقع العذاب عن امم كافرة بسبب تراحمهم فيما بينهم.وهذا ما أكده النبي الكريم في حديثه الشريف " مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " ومن هنا وجب علينا التراحم والتعاطف فيما بيننا لنعلنها حرباً بوجه ابليس اللعين ونجعل مكره وكيده في نحره ونحظى برضا الله فهو الفوز العظيم والغاية التي يرجوها كل مؤمن .