باتت الرئيسة الكرواتية كوليندا غرابار كيتاروفيتش إحدى أكثر الأسماء ترددا على المحتوى العربي المهتم بالرياضة، وبالاهتمام بالسيدة الكرواتية الأولى تداخلت أبعاد السياسة والرياضة وأذواق الشباب.
السيدة الخمسينية من مواليد 29 أبريل/نيسان 1968 بقرية في كرواتيا، ولكنها قضت طفولتها بالولايات المتحدة الأميركية، حيث تلقت هنالك بعضا من معارفها الأساسية.
تخرجت السيدة كيتاروفيتش ببكالوريوس الأدب الإنجليزي من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة زغرب، ثم لاحقا الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة زغرب.
وعندما خاضت الانتخابات الرئاسية في فبراير/شباط 2015، فازت بفارق بسيط عن منافسها لتكون أول رئيسة كرواتية، متوجة بذلك سنوات طويلة من العمل السياسي في حزب الاتحاد الديمقراطي الكرواتي، حيث شغلت السيدة كيتاروفيتش، التي تتحدث لغات عدة منها الإنجليزية والإسبانية والبرتغالية، وظائف عدة من بينها وزيرة الشؤون الخارجية والتكامل الأوروبي حتى عام 2008.
Play Video
نجمة المونديال
خطفت الرئيسة الكرواتية الأضواء بشكل لافت في مونديال روسيا، ليس فقط بسبب سفرها المتكرر إلى موسكو لحضور مباريات منتخبها وتشجيع لاعبيها، بل أيضا لأنها اختارت السفر عبر الدرجة السياحية، وعلى حسابها الشخصي وفق ما صرحت به أكثر من مرة.
وامتاز حضور الرئيسة لمباريات بلادها بالحماس والعفوية، حيث كتبت مرة على حسابها على فيسبوك بعد أن نشرت صورة من داخل الطائرة التي تقلها إلى موسكو "أجواء نارية منذ الصباح الباكر فلنحقق النصر".
حرصت كوليندا على الظهور وسط المشجعين وقريبا من اللاعبين، وليس دائما في المقصورات الزجاجية الرسمية الخاصة بالرؤساء، كما اختارت أن تعانق لاعبي منتخب بلادها وتتفاعل معهم بكل أريحية وحماس بدل التصفيق بوداعة ودبلوماسية، كما يفعل المسؤولون غالبا، بل تجاوزت ذلك إلى معانقة ضيوف ورؤساء آخرين.
وخلال حضورها مباراة كرواتيا والدانمارك في دور الـ16 حرصت أن تكون بين جماهير بلدها، بدلا من صالة كبار الزوار، وبالفعل أثارت موجة من الحماس والتعليقات المتفاوتة المقاصد والأهداف.
وتشرح السيدة كوليندا موقفها قائلة في تصريح صحفي "لأنني أحب تشجيع منتخب بلادي بطريقة قد لا تكون لائقة لمنصب كبار المسؤولين، أتيت لحضور المباريات واشتريت التذكرة من مالي الخاص".
الرئيسة الراقصة
بعد إحدى المباريات نزلت الرئيسة الراقصة كما يحلو للبعض أن يطلق عليها مع اللاعبين إلى غرفة تبديل الملابس، وتداول ناشطون وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات لها وهي ترقص مع اللاعبين وتحتضنهم واحدا واحدا.
Play Video
وقبل فترة من الآن أثارت صور لها انتشرت على نطاق واسع ضجة كبير ة على مواقع التواصل وهي تلبس لباس السباحة أزرق اللون من قطعتين على الشاطئ وبيديها حذاء رياضي، ورأى بعض الكرواتيين الغاضبين من تلك الصور أنها لا تناسب سيدة في موقعها ومكانتها.
مع اللاعبين فوزا وخسارة
بتواضعها عكس كثير من حكام العرب وبعفويتها عكس المشاهد الرسمية في العالم العربي، استطاعت السيدة الكرواتية اختراق قلوب المشاهدين العرب المفجوعين سياسيا ورياضيا في رؤسائهم ومنتخباتهم.
وكما حرصت على التفاعل تشجيعا ودعما مع لاعبيها وأعضاء فريقها حين يكون يراكم الانتصارات ويحقق النتائج الجيدة، لم تخذلهم ولم تتخل عنهم حين خسروا في المباراة النهائية أمام فرنسا بأربعة أهداف مقابل هدفين.
لم تقل للاعبيها "سودتم وجهي"، ولم تهددهم بالويل والثبور، بل واصلت تشجيعهم وظهرت وهي تذرف الدموع وتواسي اللاعبين، وكانت اللقطة الأكثر تأثيرا حين بدت وهي تكفكف دموع اللاعب "الأسطورة" مودريتش بعد خسارة نهائي كأس العالم. اختار البعض أن يصفها هنا بالأم لا الرئيسة.
ولاحقا كتبت في صفحتها في فيسبوك تعليقا على خسارة منتخب بلادها "أحسنتم وقاتلتم كالأسود.. لقد كتبتم التاريخ، ونحن فخورون بكم".
ونتيجة لذلك أثارت تعاطف وإعجاب الكثير من المعلقين العرب، فكتب الإعلامي والمعلق الرياضي في شبكة بي أن سبورت حفيظ دراجي "رئيسة كرواتيا كانت فعلا رئيسة برتبة مواطنة ومشجعة تفرح وتأسف، آه كم نحن بحاجة لمن يشعر بنا ويتفاعل معنا، ويفرح ويحزن معنا خاصة وأننا في حاجة إلى قلوب تحكمنا وليس إلى عقول تتحكم فينا صحيح أن الملك إنسان والأمير إنسان والرئيس إنسان، لكن كلما ابتعدوا عن شعوبهم افتقدوا إنسانيتهم".
وكتب المغرد محمد نبيه "رئيسة كرواتيا وفرسانها الـ11 لم يصلوا فقط لنهائي كأس العالم 2018 بل رسموا لبلادهم مكانة دولية في أذهان الجميع.. ووضعوا بلادهم على الخريطة الدولية من جديد".
وكتبت الإعلامية وسيلة عولمي "أبهرت رئيسة
#كرواتيا العالم بطيبتها وعفويتها وتأييدها منقطع النظير للاعبي منتخب بلادها.. هذا هو الحاكم الحقيقي الذي يدخل قلوب الناس دون استئذان فهو ليس صنما بل إنسان".
يستند الإعجاب العربي بالسيدة كوليندا على ثلاث قوائم أساسية، الإعجاب بالرئيس المتواضع في مقابل حالة الدكتاتورية السائدة في العالم العربي، والإعجاب بالنجاح الكروي والروح الرياضية في مقابل حالة من الفشل الرياضي في العالم العربي، وأخيرا الإعجاب بـ"المرأة الجميلة" التي تمثل إحدى أيقونات التغريد وتوجيه المشاعر في عالم العرب اليوم.