الفيلسوف الأستاذ : بالعلم و الأخلاق و العمل تحصل التربية الرسالية للإنسان
تُعد القصة من روائع الأدب الإنساني فهي تحمل بين طياتها الكثير من الدروس و الحكم البليغة التي تساهم في الإعداد الصحيح لسلوكيات الفرد و منذ نعومة أظافره و هي لهم بمثابة المنهاج الناجح في حياتهم، فنحن الآباء و الأمهات تقع على عاتقنا مَهمة كبيرة و مسؤولية عظيمة تكمن في صلاح و خير و سعادة أبنائنا ولهذا سيكون لزاماً علينا أن نكون لهم المدرسة الأولى التي تعطي المقدمات التربوية و التوعوية لفلذات أكبادنا و تضع أمامهم دراسة استيراتيجية مهمة تكشف لهم ما قد سيواجهونه في المستقبل، و بما أن الفن القصصي من أفضل الأساليب الناجحة و الشيقة في إيصال المطلوب منه فهو يغرسها في نفوسهم و يساهم في عملية إنضاج عقولهم فتحت عنوان ( إن الله يراني ) سيكون محور قصتنا لهذا اليوم، يُحكى في قديم الزمان كان يُوجد في قرية صغيرة فتى اسمه محمد شديد الذكاء و روعة في العلم و الأخلاق و يُحب التعلم و الدراسة، و ذات يوم سمع شيخٌ عن أخلاقه فذهب الشيخ و معه ثلاثة صبية من نفس عمر محمد إلى قرية محمد ولما وصل دار محمد دخل فيها و كان معه أربعة تفاحات فأعطى كل واحد منهم تفاحة و قال لهم اذهبوا و كلوا التفاحات بعيداً، فذهبوا ليأكلوا التفاحات وبعد دقائق عادوا جميعهم فسألهم الشيخ عن الأماكن التي أكلوا فيها التفاحات، فقال الأول أكلتها في المنزل الذي هناك، أما الثاني فقال أكلتها في الصحراء، و قال الثالث أكلتها بالدولاب، و أما محمد فقد عاد و التفاحة معه لم يأكلها فتعجب الشيخ من فعل محمد فسأله لماذا لم تأكل تفاحتك ؟ فأجاب محمد لم أجد مكاناً لا يراني فيه أحد لان الله تعالى موجود في كل مكان وفي كل وقت تبسم الشيخ من فطنة و ذكاء و علم محمد و حياه عليها، الآن وبعد إن انتهت قصتنا هذه فما هي الدروس المستوحاة منها و التي تفيدنا في تربية أبنائنا ومنذ الصغر ؟ فالتربية الرسالية الصحيحة مهمة في حياتنا فهي لا تحصل إلا مع وجود المقدمات الأولى لها وهي العلم و الأخلاق و العمل، وقد أرشدت السماء إلى أهمية العلم و ضرورة التزود منه حتى مع وجود أصعب الظروف القاهرة و الأزمات المالية و الاجتماعية فلا مناص من ترك العلم و الدراسة، أيضاً فقد وجهت السماء إلى أهمية تحلي الإنسان بالأخلاق الفاضلة و التمسك بالقيم و المبادئ و مكارم الأخلاق و الأدب السامي و الابتعاد عن رذائل الأخلاق، لكن يا تُرى هل يكفي الإنسان حصد الشهادات العليا و الاتصاف بالأخلاق الحسنة فقط أم أن هنالك مقدمة لها التأثير الكبير في معطيات كل منهما بل و يقف كلاهما على تلك المقدمة ؟ نعم يبقى كل من العلم و الأخلاق الحميدة لا ثمرة فيهما ما لم يكن العمل بهما هو القائد لهما و الإطار الذي يسير فيه كلاهما، فالغاية من العلم هو لتنوير العقول و هداية الناس لبر الأمن و الأمان العلمي و المعرفي و تحصين العقول بالفكر الصادق، و أما العمل بالأخلاق فهو لإقامة مجتمع مثالي ينعم بخيرات الدارين و الفوز بالرحمة المطلقة لله تعالى، ومن ثمَّ الوصول بالمجتمع إلى مرحلة التكامل المطلوب وفي هذا المقام فقد صدر من الفيلسوف الأستاذ الصرخي ما يفيد في المقام وفي بحثه الذي تحت عنوان ( الاستعداد لنصرة الإمام المعصوم ) فقال فيه : ( أرشد المولى إلى أنَّ العلم المجرّد ليس فيه ثمرة توجب الولاية والقرب من الله تعالى ما لم يزيّن العلم بالأدب والأخلاق، وكذلك العلم والأخلاق ليس فيهما الولاية والقرب ما لم يزيّنا بالعمل، فبالعمل تحصل خدمة الربّ ومنها خدمة العباد والتفاعل معهم والاهتمام لهم، وبالأخلاق تكون الخدمة حسنة وملائمة، وبذلك تحصل التربية الرساليّة للإنسان وبالتالي الوصول بالمجتمع إلى التكامل والأمان والسعادة في الدارين. ) .
https://mrkzgulfup.com/uploads/156362021297091.jpg?fbclid=IwAR0L_PjcIHdRRtMGbR8W59uWNlCMpT9qHyjrNrTO0CWw5-2b6tt0oaw4ADI