المعلم الأستاذ : يَحرمُ سفك الدماء و زهق الأرواح مهما كانت الأسباب
إن ما جرى بين أبني آدم ( عليه السلام ) ليس بالغريب علينا، و أحداث تلك القصة فيها من الدروس و العِبر القيمة و الشديدة الوقع و الأثر في النفوس، فهذه القصة و غيرها تحتم على أبناء البشرية جمعاء بضرورة التدبر فيها و الغوص في أعماقها لكي يكونوا على حذرٍ شديد و عقلية متفتحة قادرة على تميز الخطأ و الصواب، تمييز العدو من الصديق، فليس من المعقول أن كل ما نراه يحمل بين طياته عنوان الصدق و الحقيقة الناصعة، و يدعو إلى الرحمة و السلم و الأمان، فالحياة فيها الكثير من المنغصات، و فيها الجانب الايجابي و الآخر السلبي، فيها الاختلاف في وجهات النظر وهي ليس مدعاة للحقد و الضغينة بين الناس، بل لها وجهان ، وجه الحقيقة المشرقة التي كم طال الانتظار لظهورها، و سيادة صولتها الإنسانية وعلى سائر ربوع المعمورة، و أما الوجه الآخر هو وجه الشيطان وجه القتلة و الظلمة و سفاكي الدماء و زاهقي الأرواح ظلماً و جوراً، لا لشيء سوى لجني الأموال الطائلة و التشبث بالحياة و زينتها الفانية، ولعل الكثير من المرتزقة الذين جعلوا من نفوسهم مطية للشيطان و أعوانه الأبالسة الضالين المضلين وهذا ليس بالغريب على كل مَنْ أتبع هواه الضال، فقد أصبحت نفوس الأبرياء و المطالبين بحقوقهم المشروعة هدفاً رخيصاً لتلك الثلة الطاغية فلم تتوانى في سفك الدماء و قتل ريحانة الحياة شبابنا الواعي واجهة المجتمع الطيبة و بكل برودة أعصاب و كأن هذه الشريحة رخيصة الدم ولا قيمة لها في الحياة و هذا العالم الفسيح، في حين أن الشباب هم وبكل ما تعنيه الكلمة بحق قادة ومن الطراز الأول، وهم خير مَنْ يعولُ عليه في قيادة دفة السفينة إلى بر الأمن و الأمان، وبهم سنرى نور الحرية يلمع من جديد في أفق سماءنا، ففيهم الطاقات الكامنة التي لو فسح لها المجال لنرى حينها عراق جديد تتغنى فيه نسمات الأمل السعيد، و أيضاً ستنهض الأمة بكامل ثقلها و قوتها و نشاطها المشرق نحو بناء نفسها وكما كانت عليه في سابق الأزمان لعصورها الذهبية، إذاً لماذا يُقتل أبناءنا؟ لماذا تُذبح ريحانة قلوبنا ؟ لماذا تُزهق أرواح شبابنا ؟ لماذا و لماذا يا ساسة العراق تقتلون كل بارقة أمل جديد في بلادي التي تجرعت الكثير الكثير من جرائم أياديكم المتعطشة لسفك الدماء و زهق الأرواح ؟ فإلى متى تبقى الدماء تسيل ؟ و إلى متى تبقى الأرواح تسقط ومن دون جرم و جريرة يقترفها شبابنا ؟ فالله تعالى جعل حرمة الإنسان أعظم مكانة من بيته المحرم فقال : ( فمَنْ قتل مؤمناً متعمداً فقد قتل الناس جميعاً ) فكيف بكم و أنتم تسفكون الدماء و تقتلون الشباب مقابل ماذا ؟ و لماذا أصلاً ؟ أمن أجل الكرسي و الجاه و المال ؟ فانظروا إلى كل مَنْ سبقكم بالتسلط على رقاب الناس بالقوة و السيف و المكر و الخداع فماذا خلفوا وراءهم غير لعنات الناس و التاريخ عليهم ؟ فمصيرهم حتماً في مزبلة التاريخ و صفحاته السوداء ؟ فاعتبروا يا حكومات العراق و اتعظوا إن كنتم من أصحاب العقول، ومن أجل أن يعي الجميع مرارة ما يجري على الشباب و عِظم ما يدور في الكواليس عليهم من مخططات دنيئة تريد النيل منهم و تضعف من عزيمتهم و تزعزع صبرهم في الصمود و الثبات حتى تحقيق المراد في إنقاذ العراق و كسر القيود التي عطلت حياة شعبه الصابر المظلوم فقال السيد الصرخي الحسني ما نصه : (( لا يجوز مطلقًا الاحتكاك والتصادم والاعتداءات بين المتظاهرين وإخوانهم من القوات الأمنيّة، ويَحرُم جدًا سفك الدماء وزهق الأرواح مهما كانت الأسباب )) .
فهذه الدعوة لم تكن وليدة هذه المرحلة العصيبة إنما ظهرت إلى النور منذ أن أعلنت تلك المرجعية الوطنية عن قيمها و مبادئها الإنسانية و التي تنبع من قيم و مبادئ ديننا الحنيف .
https://www.al-hasany.com/vb/showthread.php?p=1049532697#post1049532697 بقلم الكاتب احمد الخالدي