مصر و وهم سوار الذهب ..؟!
اختزال ما يحدث في مصر منذ الإنقلاب بشخص السيسي هو تضليل للواقع فالسيسي أداة كما كان مبارك أداة فالقضية تكمن بنظام عسكري متكامل الصفوف مدعوم بقوة من أمريكا والغرب والكيان الصهيوني لذلك لن تحل قضية مصر بالاطاحة بالسيسي ولا بقتله ما دام النظام الحاكم موجودا في كل مؤسسات الدولة المصرية ومدعوما ومحميا بقوة من الغرب واليهود ...
أقول هذا لأن قيادات في الإخوان ما زالوا يربطون ما حدث بالسيسي فقط الذي اعتبروه حاكما متغلبا وخائنا لرئيسه الشرعي الذي انقلب عليه ..
وقد قال أحدهم في رده على سؤال لأحمد منصور عن توقعاتهم وتأملاتهم في نهاية الانقلاب فكان الرد على السؤال (بسوار الذهب) النسخة المصرية كي يعيد الأمور إلى حالها ...
والجنرال سوار الذهب هو حالة فريدة في النظام العربي حيث تسلم السلطة في السودان بعد انتفاضة شعبية جرت عام 1985 ثم سرعان ما سلم الحكم للحكومة المنتخبة في العام التالي مباشرة ولم يستأثر بالسلطة كما يفعل كل العرب بالعادة وكان قادرا على فعل ذلك لو أراد ...
مصر لن تتحرر بذهاب السيسي ومن وضع السيسي قادر أن يخترع سيناريو جديد حسب مستجدات الأوضاع وتطورها ليأتي بوجه جديد يؤدي ذات الدور الذي قام به كل العسكر الذين حكموا مصر من عبد الناصر وحتى السيسي ...
مصر أكبر دولة عربية وهي دولة مهمة جدا إضافة إلى أنها تجاور الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين وهذه الأهمية يعرفها الغرب قبل العرب وما الدعم الذي يقدمونه لنظام العسكر إلا صورة عن الدور الكبير الذي يحققه لمصالح الغرب بل وتعتبر مصر باعتراف النظام الانقلابي وأمريكا بأنها جزء من الأمن القومي الأمريكي وضمانة أساسية لديمومة الاحتلال اليهودي لفلسطين ...
فهل تتوقعون أن يتخلى الغرب عن مصر بكل هذه السهولة ليتركوا الإسلاميين يحكمونها ..؟ من يتوقع أن تجري الأمور بتلك البساطة فهو واهم ويركض خلف السراب ...
لذلك سياسية النظام العسكري الإنقلابي لن تتغير ولن يرفع الغرب عنهم الغطاء والدعم حتى الرمق الأخير ولن يزاح هذا الحمل الثقيل والاحتلال البغيض لمصر إلا عندما يدرك الآخرون المعارضون له أنهم هم من يجب أن يتغيروا ويعملوا بناءً على ذلك وإلاّ فستبقى دماء المصريين تسيل كل يوم ولن تجد غربي واحد يبكي عليها فكيف بنصرتها ...؟؟
أما من ينتظر سوار الذهب المصري فهو كمن ينتظر عصا موسى في هذا الزمان ...
حسان الرواد