معركة مؤتة وقيمة الدم المسلم
هل تعلم أن سبب غزوة مؤتة كانت من أجل رجل مسلم واحد قتله أمير غساني يتبع لدولة الروم العظمى, ومع أن الدولة الإسلامية ما زالت دولة فتية بالكاد حدودها داخل المدينة المنورة إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم جهز جيش مؤتة المكون من ثلاثة آلاف مقاتل ليثأروا لدماء رسول رسول الله .
ولم يتردد الرسول صلى الله عليه وسلم بتلك الحملة العسكرية رغم فارق الإمكانات الهائل بين الفريقين فالدولة الإسلامية ما زالت دولة فتية ودولة الروم دولة عظمى كبرى تملك جيوشا جرارة وخبرة قتالية احترافية وعملائها من العرب فقط تفوق أعدادهم كل من أسلم حتى تلك اللحظة بعشرات وربما مئات الأضعاف ...
لكنها العزة التي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمها للمسلمين وأن قطرة دم مسلم تساوي الدنيا وما فيها وأنه لا تهاون بالثأر ممن يقتل مسلما حتى لو كانت دولة الروم العظمى في ذلك الوقت ...
وكان من الممكن أن تسمع آراء كثيرة في ذلك الوقت تقول هذا انتحار وتلك حماقة كبرى (حاشا رسول الله ) أو آراء تقول لنؤجل الحملة حتى تعظم دولتنا ويصبح لها جيشا قادرا على مناجزة جيش دولة الروم العظمى ...
لكنه الرسول صلى الله عليه وسلم المعلم والقدوة الذي لم يكن ضعيفا مهزوزا وهو وحيدا ولم يهن وهو مُحارَب من قبل أهله وأقرب الناس إليه ولم يكن ليقبل الدنية وهو محاصر في شعب أبي طالب ولم تضعف همته بعد معركة أحد وثبتت أقدامه الشريفة الطاهرة كالجبال الشامخة في حنين عندما تراجع جيش المسلمين ولم يبقَ حول رسول الله إلا ثلاثة عشر مقاتلا فقط وهو يقاتل ويقول:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
صلوات ربي عليك وسلم يا حبيبي يا رسول الله ...
واليوم وقد هانت دماء ملايين المسلمين حتى الأقليات يقتلوننا ويذبحوننا كل يوم ... وفي كل مكان نقتل ونحرق ونذبح من كل الملل والطوائف والأديان والجميع يسترخص دماؤنا ويشرب الخمر بجماجم أطفالنا ويوغلون في أعراض نساء المسلمين ...
حتى الجهاد صار المسلمون أنفسهم يتنكرون له فمنهم من يراه تكفيرا ومنهم من يراه خروجا على ولي الأمر ومنهم من يراه إرهابا وتطرفا ومنهم من استبدله بكلمات ومفاهيم يقبلها الغرب وما هو براضٍ عنها ...
ولنسأل أنفسنا سؤالا لماذا تبني الدول الكبرى جيوشها ولماذا تغزوا العالم ولماذا تطّور في كل يوم أسلحتها وتحدّث جيوشها وتستبق الأحداث وتضرب هنا وهناك وتقوم بعمليات استباقية لحماية مصالحها وحماية مواطنيها في كل أصقاع الأرض ...أم حلال عليهم وحرام علينا والمسلمون يموتون بالمئات في كل يوم وصاروا كالأيتام على موائد اللئام ...؟؟
اللهم انصر من نصر دينك واخذل كل من خذل المسلمين وجعل دماءهم دون ثمن أو قيمة وثرواتهم نهبا لكل عصابات الأرض تترفّه وتتنعّم بها بينما الأمة تموت كل يوم قتلا وجوعا وتشردا وفقرا ..
حسان الرواد