مجزرة الحرس الجمهوري كانت أول صدمة عنيفه أتلقاها في جيشنا أو مجلسنا العسكري
كنت بتابع الجزيرة مباشر وقنوات الشرعية 24 ساعه تقريبا طول ما أنا خارج رابعه
صوت الصلاة والقرآن كان عاملي سكينه وهدوء نفسي غريب بس كنت مطمنه مجاش في بالي لا أنا ولا حتى هم أن الجيش ممكن يضرب
يومها كنت معزومه ع الفطار عند أختي وسهرنا لآخر وقت وانا فاتحه التلفزيون بتابع الصلاة من هناك لحد ما نمت وكعادتي كان أول شيء بعمله الصبح أني افتح التلفزيون وأطمن عليهم لقيت الأسعاف والدم في كل مكان والجثث والجرحى وقفت مذهولة مش مستوعبه الموقف بس بصعوبة من بين الدموع المتساقطة من عيني قرأت الخبر "عاااااااااااااااجل مطلوب متبرعين بالدم للجرحى في مستشفى الدمرداش"
لبست أزاي خرجت أزاي مش عارفه ومش فاكره بس فاكره أن ولادي كانوا نايمين وأختي قفلت الباب بالمفتاح عشان تمنعني من النزول وقالت أستأذني جوزك الأول وجوزي كان مسافر برا مصر وقتها قلت لها أنا "لو مافتحتش الباب هرمي نفسي من البلكونه"
كنت زي المجنونه ووعدتها أني هتبرع في مستشفى زايد وارجع بسرعه لكن روحت الدمرداش كنت منهاره وسألت على مكان التبرع وصفولي مكان تبرع النساء كان الزحام شديد والجميع في نفس حالتي بل أكثر صدمة وذهول وحزن وانهيار كان طابور طويل ولقيت واحده قاعده ع الرصيف بتقرأ في القرآن سألتها أنت حاجزه دور قالت لي لأ ..أنا مستنيه أبني قلت لها هو بيتبرع بالدم ؟ قالت لي لأ هو في المشرحه أحنا مستنين الجثه ..قالتها في بساطه وهدوء كان كقرع الطبول في أذني
ابنها كان طالب ثانوي قتل في المذبحة جلست بجوارها ابكي واصرخ وكأني أم الشهيد وهي تحضنني وتخفف عني كانت صابرة بشكل مدهش اسـأذنت الموجودين أن مشواري بعيد وعاوزه اتبرع بسرعه قبل ولادي ما يصحوا ويقلقوا من غيابي
سمحولي ودخلت ....وسحب مني الدكتور الدم كنت حاسه اني بقوم بعمل نضالي جبار وأني دمي بعد قليل هيجري في عروق واحد أو واحده من المصابين حسيت بكل أحاديث الأخوة في الإسلام "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" كنت حاسة بالإصابة في كل جسمي والوجع في أوصالي
رفضت أفطر أو أشرب عصير زي ما طلب مني الطبيب ورجوته يأخذ مني كيس آخر فرفض قلتله هاجي بكره قالي مش قبل 6 شهور
روحت وتهت في الطريق كنت مش شايفه الشارع بوضوح بطريقة ما وصلت لسلم المترو بس كنت بدأت أفقد الرؤية والتوازن وكان أقرب إنسان يسير بجواري رجل متوسط العمر معرفش أزاي اتجرأت ومسكته وقلتله أنا هقع بعد شويه متتصلوش بحد وتخضوا ولادي سيبوني شويه لحد ما افوق قالي متخافيش انا جنبك انت عندك سكر قلت له لأ بس قبل ما أكمل كنت فقدت الوعي لفترة مقدرش أحددها كنت بسترد وعي ودكتور اداني برشامه تحت لساني كنت ممده على الأرض ومجموعه من النساء تقف حولي مع المسعف بعدها ساعدوني في النزول للمترو وأكملت معي واحدة إلي التحرير وهناك فقدت الوعي مرة أخرى وناوى في المكرفون بالمسعف وعرف الحالة وافرغ اكياس سكر في فمي وبعد فترة استرديت وعيي ونزلت أخذت تاكسي للشيخ زايد
لا أدري كيف وصلت بيت أختي لكن عند دخولي البيت وقعت ثانية وأحضروا لي الطبيب في المنزل كنت منهاره لأقصى درجة جسدياً ونفسياً
بعدها كنت بنام وأصحى على الجزيرة مباشر وقنوات الشرعيه كنت بنام قدام التلفزيون وحتى لو عيني راحت في النوم بمجرد ما حد يطفى التلفزيون أو يحول المحطه كنت بصحى مفزوعه... وقتها بقيت أخاف عليهم فعلا وتأكدت أنهم مهددين
لما روحت رابعه بعدها كنت بشوف في كل واحد فيهم مشروع شهيد وشفت الحجاره المرسوم عليها وجوههم ومكتوب تحتها أساميهم وشميت المسك من ريحة دمهم كنت بشوف في وجه كل واحد شهيد تحت الطلب
ولما دخلت متحف رابعه لمقتنيات الشهداء كنت ببكي بحرقه أشياؤهم بسيطة في بساطة أحلامهم ..موبايل موديل قديم قوي وساعة يد ونظارة نظر ومحفظة وبطاقة شخصية وقبعه والقليل القليل من النقود والكثير الكثير من الإيمان والحب والتضحية من أجل مايؤمنون به كلها كانت موضوعه في فاترينة عرض مضاءة وصور الشهداء على الجدران مع اسماؤهم وقصصهم
كان هناك مجموعة من الشباب يجهزون المعرض صورتهم فابتعدوا عن كادر الكاميرا سألت الفتاة أنتم ليه بتبعدوا قالت هي لله هي لله
جلست على الكرسي أبكي سألتني ليكي حد مات في المذبحة قلت لها كلهم كلهم
سألتني بتبكي ليه قلت لها خايفه عليكم قوي مش عوزاكم تموتوا
قالتي متخفيش حتى لو متنا هنبقى شهداء
مذبحة الحرس كانت مذبحة الأمان والحلم والامل مذبحة الثقه في الجيش والشرطة مذبحة الوطن ...كانت مذبحة لحاجات كتير جوايا مقدرتش الأيام تداويها
#ضمير_مستتر #مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية