التدرج في الرقي والتكامل، في فكر المحقق الصرخي
------------
ضياء الراضي
قال عز من قال في محكم كتابه الكريم :
()وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)(سورة الذاريات(.
الغاية من الخلق هي أن يكون عبد مطيع لله منصاع للأوامر الإلهية وأن العلي القدير غني عن الجميع لأنه صاحب القوة وهو الرزاق الخالق المبدع وان الله سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان خلقه لغاية وهدف وهو أن يكون خليفته في الأرض، وأن يعمر تلك الأرض ومع اختلاف معنى الخليفة والمختص بهذه المعنى الآن الظاهر والمشهور والمعنى العام للخليفة، وهذا الخليفة يجب أن يكون بغية التكامل والرقي وهذا يتطلب الرقي والتكامل في شخص الإنسان، وهي أن يكون الإنسان مطيعٌ للأوامر الإلهية معرضًا عن النواهي، وأن لا يسير في درب الخطايا والمعاصي والذنوب ومحيٍ للشعائر الإلهية، ومن الأمور التي حث الشارع المقدس عليها هي إحياء الشعائر الحسينية، لما لها من دور في تكامل الفرد والمجتمع، حيث أن هذه الشعائر ما هي إلا استنهاضٌ واستذكارٌ لتلك الثورة المباركة، ومن تلك الشعائر المباركة هي مجالس الشور والبندرية فإنها من أهم الأمور التي يمكن تكون من الوسائل الى تدرج الفرد في الرقي والتكامل النفسي والروح للفرد والمجتمع ولها انعكاس في بناء مجتمع خالٍ من المعاصي من رذائل الأخلاق.
وقد بيّن الأستاذ المحقق الصرخي خلال بحثه الموسوم (السير في طريق التكامل) كيف يمكن أن يتدرج الإنسان في مراحل الرقي والكمال بقوله::
(التدرج في الرقيّ والكمال
الإنسان الذي يريد أن يسير في طريق الكمال الروحي والأخلاقي وتربية النفس، عليه أن يجعل لنفسه مستويات متدرجة للرقيّ حتى الوصول إلى الغاية القصوى والهدف الأسمى؛ لأن عدم التدرج والاقتصار على الغاية القصوى غالبًا ما يؤدي إلى الإحساس بالتعب والشعور باليأس والعجز عن السير والتكامل، ولعلاج هذه الحالة المَرَضيّة عليه أن يتخذ لنفسه عدة مستويات وغايات يسعى ويعمل للوصول إلى المستوى الأول القريب وحينما يصل إليه يشحذ همّته ويضاعف جهده وسعيه للوصول إلى المستوى الثاني وهكذا حتى الوصول إلى المستوى الأعلى النهائي، فالإنسان العاصي الفاسق إذا عجز عن الوصول إلى مستوى العدالة والتكامل المعنوي والأخلاقي، فلا يترك طريق الحقّ ويرضخ وينقاد لخطّ الباطل والرذيلة؛ بل عليه أن يضع لنفسه مستويات متعددة من الرقيّ، فمثلًا في المستوى الأول عليه أن يهتمّ ويسعى للتعوّد علی ترك الكبائر فيعمل في سبيل تنمية وتصفية خاطره في سبيل الترقي والوصول إلى مستوی يمتنع فيه عن الكبائر، وبعد ذلك يضاعف جهده وسعيه للوصول إلى المستوى الثاني بأن يترك الصغائر فيعمل إلى أن يعوّد نفسه على ترك الصغائر، وهكذا يضع لنفسه مستويات أخرى إلى أن يتقرب شيئًا فشيئًا من حالة ملكة العدالة ويزداد ترقّيه حتى يصل إلى مستوى امتلاك ملكة العدالة، وهكذا بإمكانه أن يرتقي إلى مستويات أعلى دون مستوى ومرتبة العصمة.)انتهى كلام الأستاذ المحقق .
فالإنسان الساعي في طريق التكامل يتطلب منه العناء والصبر والتحمل لأنه سائر بدرب عظيم درب نحو الرقي نحو العلو درب حت يكون مصداق للخليفة الذي يحي الأرض ويكون قدوة للغير ويكون سبب لهداية الناس وبناء المجتمع المثالي مجتمع مبني عل أسس رينه يسوده الود والاحترام والإيثار وهذه هي الغاية والهدف الذي بعث من اجله الرسل والأنبياء.
المصدر /مقتبس من البحث الأخلاقي (السير في طريق التكامل) للمحقق الأستاذ الصرخي
https://e.top4top.net/p_7569p7xg1.jpg