المحقق الصرخي والبكاؤون الخمسة
بقلم: ضياء الراضي
إن سنة البكاء من الأمور المحمودة والمستحبة إذا لم تكن جزعًا واعتراضا على أمر العلي القدير بل استذكارًا لهول الحدث والمصيبة وهذا أمر عاطفي من النفسية الحسنة ولذا نرى أبونا آدم-عليه السلام- فإنه كلما يستذكر الجنة والأمر الذي دعا إلى أن يتركها فإنه يبكي ويحزن وحتى في مروي الحديث أن خديه صارتا كل الأودية من كثرة البكاء أي حزن وأي بكاء وهذا نبي وأبو البشر وهو يحزن ويبكي لا جزعًا ولا اعتراضًا ونرى نفس الأمر ما حصل لنبي الله يعقوب-عليه السلام- ومدى تعلقه وحبه لنبي الله يوسف-عليه السلام- وكيف حزن حزنًا شديدًا حتى وصل الأمر من كثرة الحزن والبكاء أن تصبح عيناه بيضاء وبنفس الوقت النبي يوسف-عليه السلام- بكاء وحزن على فقد أبيه حتى ملّ وجزع أهل السجن من كثرة نياحه وبكائه وهذا ما بينه المحقق الصرخي الحسني بأن سنة البكاء وأمر البكاء أمر مارسه الأنبياء والأئمة الأطهار وحزنوا وبكوا حتى اقترن البكاء في خمسة منهم وهم (آدم وبعقوب ويوسف و فاطمة والإمام زين العابدين)-عليهم السلام أجمعين- وكيف أن إمامنا السجاد بكى أبيه الإمام الحسين عشرين سنة أو أربعين سنة وكلما وضع أمامه زاد أو عرض عليه ماء تذكر عطش الحسين-عليه السلام- وما حصل لعياله بأرض كربلاء وأما الزهراء المظلومة فإنها في فقد أبيها زادت بالنياح والبكاء على فقد الحبيب المصطفى- صلى الله عليه وآله وسلم- وكيف وهو كان يصفها بأم أبيها فإنها بكت لفقده وفراقه حتى صاح منها أهل المدينة فقام أمير المؤمنين ببناء بيت له في البقيع وسمي ببيت الأحزان وهذا ما بينه سماحة المحقق الأستاذ خلال بحثه الموسوم (الثورة الحسينية والدولة المهدوية)مشيرًا إلى أن الزهراء هي من البكائين بقوله:
(الزهراء من البكائين الخمسة
عن الإمام الصادق -عليه السلام-: البكاؤون خمـسة: آدم ويعقوب ويوسف -عليهم السلام- وفاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وعلي بن الحسين -عليه السلام- 1- أما آدم ، فبكى على الجنة حتى صار خدّاه أمثـال الأودية. 2- أما يعقوب، فبكى على يوسف حتى ذهب بصره.3- أما يوسف، فبكى على يعقوب حتى تأذّى بـه أهـل السجن، فقالوا له: أما أنْ تبكي بالليل وتسكت بالنهار، وأما أنْ تبكي بالنهار وتسكت بالليـل فـصالحهم -عليـه السلام- على واحدة منهما. 4- وأما فاطمة -عليها السلام- فبكت على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، حتى تأذّى بها أهل المدينة، فقـالوا لها: قد آذيتِنا بكثرة بكائك، فكانت تخـرج إلى مقـابر الشهداء، فتبكي، حتى تقضي حاجتها فتنصرف. 5- وأما علي بن الحسين -عليهما السلام- فبكـى علـى الحسين -عليه السلام- عشرين سنة أو أربعين سنة، ما وُضع بين يديه طعام إلّا بكى، حتى قال له مولى له: جُعلت فداك إني أخاف أنْ تكون من الهالكين! قال -عليه السلام-: إنما أشكو بثّي وحزني إلى الله وأعلم ما لا تعلمون، إني ما ذكرت مصرع بني فاطمة إلّا خنقـتني العبرة.)
مقتبس من بحث "الثورة الحسينية والدولة المهدوية "لسماحة السيد الأستاذ -دام ظله-
--------------------
https://up.3raq4all.com/uploads/nov17/154534059959721.jpg