مسلمو الدنمارك يؤدون أول صلاة جمعة موحدين تحت قبة مسجد واحد بمئذنة
حدث تاريخي عايشه مسلمو الدنمارك امس بأدائهم لأول صلاة جمعة في مسجد جامع بمئذنة وقبة في عاصمة دولتهم كوبنهاجن التي ارتبط اسمها سابقا في أذهان الناس بالرسومات المسيئة للرسول محمد والتي أثارت موجة احتجاجات في أنحاء العالم.
الدولة الإسكندنافية التي تضم نحو 300 ألف مسلم، سوف يتذكرها العالم الآن بهذا المعلم الذي أصبح معبرا عن التعايش الديني الذي يميز غالبية سكان البلد، ويجسد قيم الحرية التي تجمعهم. المسجد يأتي ضمن مشروع متكامل مولته دولة قطر لتأسيس مركز إسلامي حضاري متكامل يقدم خدمات مميزة لأفراد الجالية من المسلمين والمسلمات، ويضم قاعة حفلات وصالة أفراح ومدارس لتعليم اللغة العربية ومركزا للعناية بكبار السن ومكتبة وقاعة عرض أفلام وثائقية.
وتنقل أمس إلى كوبنهاجن وفد قطري رفيع المستوى من المؤسسات الحكومية والجمعيات الخيرية لتدشين المركز الذي بني على نفقة الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق، وهو الذي تكفل بالمشروع الذي زادت تكلفته عن 23 مليون يورو. وأوضح الدكتور غيث بن مبارك الكواري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في كلمة ألقاها بهذه المناسبة، «أن افتتاح مركز حمد بن خليفة الحضاري يعد ترجمة فعلية لرغبة أكيدة في التعارف تتجسد في مناسبات عديدة عبر تاريخ مملكة الدنمارك والعالم الإسلامي». وأكد أن «قطر لن تتوانى في رعاية الجهود التي تبرز قيمة الإسلام الحقيقية القائمة على الوسطية والاعتدال، كما لن تتخلف عن دعم كل حوار جاد يؤلف بين المسلمين في كل بقاع الأرض، ويؤسس لعلاقات تعارفية متوازنة بينهم ومع جيرانهم من غير المسلمين». وشدد على أن بلاده، التي تسهم بقناعة تامة في كل المبادرات الإيجابية للحوار بين الثقافات وتحالف الحضارات، والتعارف بين الشعوب، تسعد بدعمها لهذا المشروع الحضاري، وتتطلع أن يكون هذا المركز جسراً لبناء الثقة، ومنارة لتحقيق التعارف بين الشعب الدنماركي وشعوب العالم الإسلامي من أجل المستقبل. وكشف عايض بن دبسان القحطاني رئيس أمناء مؤسسة راف للخدمات الإنسانية أن مشاعر الغبطة التي لمسها في أعين الناس واعتزازاهم بهذا الصرح يفتح شهية مؤسسته وكل الجمعيات الخيرية لتفعيل جهودها أكثر لتأسيس مشاريع مستقبلية مماثلة تخدم المسلمين في مناطق عدة. من جانبه أكد عبد الحميد الحمدي رئيس المجلس الإسلامي الدنماركي أن مركز حمد بن خليفة الحضاري يمثل نقلة نوعية في تاريخ المسلمين في الدنمارك، وفي علاقتها بالعالم الإسلامي، مشيداً بمن ساهم في إقامة هذا المشروع التاريخي الذي يعد نموذجاً لغيره من المجتمعات.
وأضاف أن المسلمين في الدنمارك كانوا يعانون من عدم وجود أي مكان لأداء الصلاة التي أدوها من قبل في أقبية ومستودعات غير لائقة وصغيرة وبعضها لا تتوفر على الاشتراطات الصحية الضرورية مما نقل صورة غير مشرفة عنهم قبل أن يأتي الغيث بتحقيق حلم راود المسلمين أزيد من أربعين سنة. وكشف المسؤول عن المركز قصة بناء المركز والتي ولدت فكرتها مباشرة بعد الضجة التي أحدثتها الرسومات التي نشرتها صحيفة محلية في الدنمارك حيث حاول المسلمون التحرك بخطة واضحة المعالم لتصحيح الصورة السلبية المنتشرة عنهم بالتأكيد على إيجابية رسالتهم السماوية ومنها أن يكون لهم عنوان واضح ومركز يشرح للآخرين تفاصيل حقيقية عن دينهم. شرع المسلمون في جمع التبرعات من الأفراد والمؤسسات في دول عربية عدة قبل أن يأتيهم اتصال من ديوان أمير قطر يؤكد رغبة الشيخ حمد آل ثاني بالتبرع بكامل المبلغ ليس لبناء مسجد فقط بل مركز إسلامي متكامل يكون رمزا للحضارة الإسلامية. وحضر حفل الافتتاح الرسمي للمركز ممثلة عن ملكة الدنمارك وعن الكنيسة المحلية للتأكيد على التعايش في هذه الدولة التي تكفل الحريات بالرغم من وجود يمين متطرف في علاقة كراهية مع الأجنبي عموما والمسلم خصوصا. وحاولت مجموعات محدودة مناهضة للمسلمين تنظيم مسيرة احتجاجية أمام المركز للتنديد بسماح الدولة ببناء هذا المسجد وارتفاع مئذنة لأول مرة في دولتهم لكن السلطات رفضت وجودهم هناك وحولتهم لمناطق بعيدة قبل أن يتفرقوا. وفرضت الجهات الأمنية إجراءات أمنية مشددة على حدود المنطقة التي يقع في المركز والتي تقطنها غالبية مسلمة من دول عربية وإسلامية تنتشر في مجمعات سكنية عدة وتشتهر بمحلاتها ومطاعمها ومقاهيها. وعلى عكس هذه الصورة عبر مواطنون دنماركيون تحدثت معهم «القدس العربي» بإيجابية عن المركز، وأشارت فرنددا على أنها سعيدة بافتتاح هذا المكان حتى يتأكد العالم أن شعبها ليس عدوانيا ولا يرفض الآخر حتى لو كانت فئة صغيرة هي التي رسمت تلك الصورة السلبية عن مواطنيها.
وأقيم مركز حمد بن خليفة الحضاري تحت إشراف المكتب الهندسي الخاص بميزانية بلغت نحو 23 مليون يورو على مساحة (5216) متراً مربعاً، ومساحة البناء (6931) متراً مربعاً، ويتكون الصرح الذي يديره المركز الإسلامي الدنماركي من ناد ثقافي، وجامع يتسع لأكثر من (1000) مصل من الرجال، والطابق الثاني مخصص للنساء ويتسع لـ (500) مصلية. كما يحتوي المركز على مسرح لأنشطته وقاعة للمؤتمرات، وقاعات دراسية، ومدرسة، وقد تم تخصيص (200) متر مربع من المساحة لمحلات تجارية، ليكون ريعها الوقفي لتمويل المركز. ويهدف مركز حمد بن خليفة الحضاري إلى خدمة المسلمين في الدنمارك، وليكون منارة لفهم أعمق لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يكفل التعايش السلمي بين الجميع وتقاربهم.
سليمان حاج ابراهيم
#مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية