انتفاضة… حتى تصبح دماؤنا كالدماء؟
«انتفاضة.. انتفاضة» كان الهتاف الذي ردده حشد من الفلسطينيين اثناء تشييع جثمان الطفل محمد أبو خضير ملفوفا بالعلم الفلسطيني خلال مسيرة الجنازة في شوارع حي شعفاط الذي كان يقيم فيه، وكان محمد خطف على ايدي مستوطنين في سيارة يوم الاربعاء، وعثر على جثمانه متفحما في غابة قرب القدس المحتلة.
وقال مسعفون إن 15 متظاهرا عولجوا من إصابات بعد اشتباكات مع قوات الاحتلال اثناء تشييع ابوخضير الذي جاء استشهاده بعد العثور على جثث ثلاثة مستوطنين، والذي استخدمتهم اسرائيل كمبرر لشن اعتداءات واسعة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ونشرت اسرائيل قوات اضافية في القدس المحتلة قبل تشييع جنازة الطفل الفلسطيني كما منعت دخول الرجال دون الخمسين عاما إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة.
وثمة فارق لا يمكن تجاهله في التغطية الاعلامية لمقتل الصبي الفلسطيني والمستوطنين الاسرائيليين، ومن امثلة ذلك عنوان صحيفة «نيويورك تايمز» الخميس الثالث من تموز/يوليو، الذي تحدث عن «مقتل فلسطيني في الضفة» في صيغة تتعمد اخفاء عمره، بينما كانت عناوين الصحيفة نفسها طوال فترة الاعتداءات الاسرائيلية بحثا عن المستوطنين تركز على «خطف اطفال اسرائيليين» في محاولات حثيثة لشيطنة الفلسطينيين، دونما اشارة الى انهم خطفوا من فوق ارض فلسطينية يحتلونها بمساعدة من الجيش.
ان مثل هذا التمييز يتجاوز التزييف المهني الى ممارسة واضحة للعنصرية، تجعل دماء الفلسطيني وطفولته وحياته اقل قيمة من نظيرتها عند الاسرائيلي.
اما من جهة الازدواجية في التعاطي السياسي مع الحدث، فقد وقع نبأ استشهاد ابو خضير على اذان صماء، سواء على المستوى الدولي او العربي، بينما كان اختفاء المستوطنين المحتلين السارقين لاراضي الغير، مثار «قلق واسع» بدءا من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون شخصيا الى حلفاء اسرائيل في الشرق والغرب وحتى بعض العواصم العربية والاسلامية.
اما المجتمع الدولي المعني بقضايا حقوق الانسان فيبدو ان ضميره اعتاد ان يغض الطرف عندما تكون الضحية من العرب او المسلمين، كأن دماء هؤلاء ليست كدماء غيرهم.
الا انه من الصعب ان نلوم الآخرين فيما نشهد هذا الصمت المتواطئ من الحكومات العربية التي تفوق بعضها على اسرائيل في سفك الدم العربي.
لقد لخصت الهتافات في جنازة ابوخضير كيفية مواجهة هذا الموقف المأساوي بالدعوة الى انتفاضة جديدة تعبيرا عن اليأس من نجاح السلطة الفلسطينية في تحقيق الحد الادنى من واجبات اي حكومة وهو الحفاظ على حياة مواطنيها، ناهيك عن تحقيق الاهداف الوطنية الخاصة بانهاء الاحتلال وانشاء الدولة.
ان استشهاد ابوخضيرة يطرح اسئلة مصيرية بالنسبة لخيارات السلطة الفلسطينية في هذه المرحلة، خاصة وهي مازالت تراهن على «مجابهة اسرائيل في ساحة المجتمع الدولي، ورفض المقاومة المسلحة» كما قال الرئيس محمود عباس امام اجتماع وزراء خارجية دول المؤتمر الاسلامي في السعودية الشهر الماضي.
فهل منع المجتمع الدولي اسرائيل من شن عدوانها على الضفة وغزة في عقاب جماعي لشعب بأكمله؟ ام انه كان شريكا في تقديم غطاء سياسي لقتل طفل بدم بارد؟
وهل نجح المجتمع الدولي في اقناع اسرائيل بالسماح للفلسطينيين بزيارة المسجد الاقصى في شهر رمضان؟ ام انه تغاضى عنه، ودفن شعاراته المتعلقة بحرية التعبد للجميع في تكريس عملي للاحتلال؟
ان دماء ابو خضيرة الطاهرة ومن خلفه حشود من الشهداء الأبرياء تنتظر انتفاضة قد تكون اقرب مما يظن البعض، تقلب كل الحسابات، وتنتصر للانسان وحرمة الدماء في مواجهة هذا الاحتلال العنصري ومن يقفون معه.
رأي القدس
#مكملين #احنا_متراقبين #ارحل_يا_عرص #مرسى_رئيسى #كلنا_مسلمين #شبكة_صوت_الحرية