قصيدة عندما يعزف الرصاص
عبدالرحمن العشماوي
نُسبى و نُطرد يا أبي و نُباد .. فإلى متى يتطاول الاوغاد؟؟
و إلى متى تُدمي الجراح قلوبنا .. و إلى متى تتقرح الأكباد؟؟
نصحوا على عزف الرصاص كأننا .. زرع و غارات العدو حصاد
و نبيت يجلدنا الشتاء بسوطه .. جلداً فما يغشى العيون رقاد
يتسامر الأعداء في أوطاننا .. و نصيبنا التشريد و الإبعاد
و تفرخ الأمراض في أجسادنا .. أواه مما تحمل الأجساد
كم من مريض مل منه فراشه .. ما زاره آسٍ و لا عوّاد
نُشرى كأنا في المحافل سلعة .. و نباع كي يتمتع الأسياد
في نهر (جيحون) الحزين مراكب .. غرقت و دنس صفوه الإلحاد
و على ضفاف النهر جثة زورق .. يبكي على أشلائها الصياد
و أمامه دار على جدرانها .. صور يجدد رسمها و يعاد
صور تلونها دماء أحبة .. غرسوا أصول المكرمات و شادوا
رحلوا و للقرآن في أعماقهم .. ألق أضاء نفوسهم فانقادوا
أنى اتجهنا يا أبي ظهرت لنا .. إحن يحرك جمرها الحساد
أو ما ترى من فوق كل ثنية .. صنما يزيد غروره العباد
نصحوا على أصوات ألف مبشر .. عزفوا لنا أوهامهم فأجادوا
جاءوا و سيف الجوع يخلع غمده .. فشدوا بألحان الغذاء و جادوا
أما دعاة المسلمين فهمهم .. أن تكثر الأموال و الأولاد
هم في الخوالف حين ينطق مدفع .. و إذا تحدث درهم رواد
أرأيت أظلم يا أبي من صاحب .. تختال في أعماقه الأحقاد
يسعى ليبني بالخداع حياته .. أرأيت صرحا في الهواء يشاد
أين الأحبة يا أبي أو ما دروا .. أنًا الى ساح الفناء نقاد؟؟
أو ما دروا كم دمية في أرضنا .. تعلو و كم يزري بنا استعباد؟
أو ما لنا في المسلمين أحبة .. فيهم من العوز المميت سداد؟؟
ما بال إخواننا استكانوا يا أبي .. لا شامنا انتفضت و لا بغداد؟
قالوا الحياد و تلك أكبر كذبة .. فحيادهم ألا يكون حياد
هذي بساتين الجنان تزينت .. للخاطبين فأين من يرتاد؟
يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا .. أو مالنا سعد و لا مقداد؟
نامت ليالي الغافلين و ليلنا .. أرق يذيب قلوبنا و سهاد
سلت سيوف المعتديـن و عربدت .. و سيوفنا ضاقت بها الأغماد
هذا هو الأقصى يلوك جراحه .. و المسلمون جموعهم آحاد
دمع اليتامى فـيه شاهد ذلة .. و سواد أعينهن فيه حداد
اوااه يا ابتي على أمجادنا .. يختال فوق رفاتها الجلاد
خمسون عاما أتخمت سنواتها .. ذلا فكل زمانها إخلاد
ها نحن يا أبتي يسير وراءنا .. ليل له فوق السواد سواد
ها نحن يا أبتي نبيت هنا و لا .. طـنب لخيمتنا و لا أوتاد
أهو القنوط يهد ركن عزيمتي .. و به ظلام مخاوفي يزداد
أهو القنوط فأين إيماني بمن .. خلق الوجود و ما له أنداد
يا أمة ما زال يكتب نثرها .. طه و يروي شعرها حماد
و يرتب الحلاج دفتر فكرها .. و يقيم مأتم عرسها حداد(1)
ترعى حماها كل سائبة و في .. تمزيقها تتجمع الأضداد
تصغي لأغنية الهوى فنهارها .. نوم ثقيل و المساء سفاد
أجدادنا كتبوا مآثر عزها .. فمحا مآثر عزها الأحفاد
يا ليل أمتنا الطويل متى نرى .. فجراً تغرد فوقه الأمجاد
و متى نرى بوابة مفتوحة .. للحق تقصـر عندها الآماد
أنا يا أبي طفل و لكن همتي .. فجر به يحلو لي استشهاد
لا تخش يا أبتي علي فربما .. قامت على عزم الصغير بلاد
و لربما مات القوي بسيفه .. و قضى على مال الغني كساد
في سيف عنترة الفوارس قوة .. ما كان يعرف سرها شداد
قل لي بربك يا أبي هل ننزوي .. خوفا فليس للعدو قياد
دعنا نسافر في دروب آبائنا .. و لنا من الهمم العظيمة زاد
ميعادنا النصرالمبين فإن يكن .. موت فعند إلهنا الميعاد
دعنا نمت حتى ننال شهادة .. فالموت فـي درب الهدى ميلاد
(1) الأسماء المذكورة رمز لهؤلاء : طه حسين ، حماد الراوية ، الحسين الحلاج ، سعد حداد ..