المحقق الصرخي نغيظ الأعداء بالإلتزام بنهج النبي
لا أحلى ولا أروع من الحديث عن سيرة نبي الإسلام الأعظم -صلى الله عليه وآله وسلم-، لاسيما وإن كان الحديث حديثًا يخرج من القلب ليدخل إلى القلب؛ لا تحده الحدود ولا تؤطره الأطر، فهو يمتد بإمتداد نور النبوة، ويتخلد بخلود الرسالة.
ونشير في هذا الحيز إلى مفصل مهم من مفاصل السيرة المحمدية التي تشكل بدورها منعطفًا ذا بال في هذه السيرة. إذ كان الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- واقفا.. ثابتًا بقامته التي إرتفعت في الفضاء؛ على جبل مشرفًا على هضبات مكة المكرمة، كانت نظراته الوقادة متجهة صوب الكعبة وهي تزهو بجلالتها وعظمتها وقد مضى على حمله الأمانة الإلهية المقدسة ما يقرب من ثلاث عشرة سنة؛ حملت في كل لحظة من لحظاتها آيات العزم الراسخ والتحدي العظيم والألم الرهيب. كان الرسول واقفًا يودع بيت الله الحرام؛ فهذه مكة المكرمة؛ أقدس أرض خلقها الله -سبحانه وتعالى-، وأعظم بقعة شرفها الله حيث ولد الرسول وترعرع، وحيث مهوى أفئدة المؤمنين، وحيث محجة الأنبياء والأوصياء، وحيث مهبط الملائكة المقربين. هذه مكة يودعها حبيبها على إنفراد.. في لحظة إختصرت كل ثقل الرسالة وهمومها.
معاناة الرسول الأليمة:
ولقد يتذكر النبي الأعظم على وقفة وداعه الأخيرة كيف حاصره مشركو قريش في شعب أبي طالب، حاصروه وأتباعه المؤمنين حصارًا منعوا فيه الناس من الإتصال بهم وإتصالهم بهم، حصارًا إضطروا فيه إلى أكل ما تبقى من الأوراق الصفراء في أشجار الشعب الجرداء!
وفي خضم آلام سنين الحصار الثلاث توفي عم رسول الله وكفيله.. مؤمن قريش أبو طالب كما توفيت في السنة ذاتها زوجته الوفية خديجة الكبرى أم المؤمنين.
وبعد معجزة حشرة الأرضة التي يحدثنا التاريخ الإسلامي عنها؛ حيث بعث الله حشرة الأرضة لتأكل وثيقة التآمر الجاهلي التي قضت بمحاصرة الثلة المؤمنة في الشعب المشار إليه وتحريم التعامل معهم، وأخبر الله تعالى رسوله الكريم بنبأها، فعرض الرسول التحدي الإلهي للمشركين، الأمر الذي اضطرهم فيه إلى فك الحصار، بعد أن لحقهم الخزي والعار.
… وعاد الرسول إلى مكة؛ ولكن دون حماية من عمه الرؤوف أبي طالب، بل تحت حماية أعدى أعدائه أبي لهب الذي إنتهت زعامة بني هاشم إليه آنذاك. أبو لهب الذي كان يبتدع الأساليب الشيطانية لإيذاء الرسول الأكرم، وكان حريصًا كل الحرص على تشويه سمعة الرسول وتوجيه التهم إليه في أوساط القبائل والعشائر القادمة إلى مكة وأسواقها ومشاعرها، ولقد كان يمشي وراء الرسول كظله.. كلما مشى إلى وفد من الوفود داعيًا إياهم إلى الإسلام والتصديق، فكان ابو لهب يأتي الوفد منهم قائلا: إن هذا ابن أخي وأنا عمه وهو كذا وكذا، وينسب إليه التهم الرخيصة. ووصل به الأمر أن فوض الأمر لمشركي قريش لأن يدبروا مؤامرتهم الجديدة التي تستهدف حياة الرسول ونفسه، على أن يضيع دمه الشريف بين القبائل العربية من قريش وحلفائها.
لحظة الوداع المقدسة
هنا؛ كانت لحظة الوداع، بعد أن عهد الرسول إلى الإمام علي -عليه السلام- أن يبيت في فراشه ومضى إلى سبيله بإتجاه المدينة، بإتجاه إقامة الدولة الإسلامية، وفتح صفحة جديدة من صفحات التحدي والجهاد.
وحينما وصل إلى تلك القمة ووقعت نظرته الشريفة على بيت الله الحرام وما حوته أركانه الشريفة من سني الجهاد المضني لثلاثة عشر عامًا، دمعت عيناه وأثقلت الهموم برمتها على قلبه الطاهر. فما كان من الوحي إلا أن نزل عليه بـ(إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) [القصص/85].
أي إنه ستعود إلى مدينتك مكللا بالنصر بالعزة. وإذ ذاك اطمأنت نفس رسول الله فترك مكة ميممًا وجهه شطر المدينة المنورة. فكانت مراحل تأسيس الدولة الإسلامية العظيمة بما تعني من سن القوانين وتنفيذها، وما تعني من جهاد قل أن شهد التاريخ له مثيلا. فمن تربية المؤمنين وتهذيب أنفسهم وسلوكياتهم حتى خوض الغزوة تلو الغزوة إلى الوقوف بوجه المنافقين الذين كان خطرهم على وجه الحتم أشد وأعتى من خطر أعداء ماوراء الحدود.
وعلى أية حال، فإن الباحث والمهتم بشؤون سيرة المصطفى لا يقف عند حدث حتى تأخذ بلبه أحداث أخرى، ولا يتابع نقطة معينة في هذه السيرة المباركة حتى تستهويه نقاط غيرها، قد تكون بدورها أشد الحاحًا لإضفاء مزيد من الأضواء عليها.
حياة الأبدية والنعيم الدائم ورضوان الله الأكبر.بالإضافة لما أشار إليه الأستاذ المحقق الصرخي
#رسولُنا_محمدٌ_رمزُ_الإنسانيةِ نغيظ الأعداء بالإلتزام بنهج النبي
https://d.top4top.net/p_10386tx811.png .....علي البيضاني