استشهاد الإمام الكاظم في فكر المحقق الصرخي
كانت العلاقة التي تربط العلويين بالخلافة متأزمة دائماً فقد ورث الإمام موسى الكاظم تاريخا دامياً من تعامل السلطة مع آبائه وأجداده، فكونهم أئمة للشيعة ورؤساء لتلك الجماعة التي تمثل أشرس فئات المعارضة للحكم العباسي والأموي جر عليهم الكثير من التضييق والاضطهاد الذي وصل في كثير من الأحيان إلى التصفية الجسدية.
أُعتقل الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) في زمن حكم الخليفة المهدي الذي امر عامله على المدينة باعتقال موسى الكاظم وارساله لبغداد، لكن سرعان ما اطلق سراح الكاظم وأعيد إلى المدينة. وتقول الروايات أن المهدي رأى حلماً أفزعه فقام باطلاق سراح الكاظم على الفور
. ومع تربع الخليفة موسى الهادي على سدة الحكم، زاد التشنج مع العلويين ليتوج ذلك في موقعة فخ التي ذهب ضحيتها ثلة من أعيان العلويين، الأمر الذي زاد من التضييق على الإمام الكاظم الذي كان يراه الخليفة المسؤول والمحرض للحسين بن علي بن الحسن المثلث وأصحابه المقتولين في فخ حيث قال الخليفة الهادي : والله ماخرج حسين إلا عن أمره، ولا اتبع إلا محبته، لأنه كان صاحب الوصية في أهل هذا البيت، قتلني الله إن ابقيت عليه. لكن أجل الخليفة الهادي لم يسمح له بتنفيذ تهديده حيث توفي بعد مدة قليلة من وقعة فخ.
نُقل الكاظم إلى سجن السندي بن شاهك حسب أوامر هارون العباسي وقد جهد السندي في إرهاق الكاظم والتنكيل به والتضييق عليه بكل الوسائل ابتغاءً لمرضاة الخليفة. وذهب المؤرخون إلى أن الكاظم قد سجن في بيت السندي. وعلى الرغم من التضييق في السجن فإن الإمام الكاظم استطاع استمالة خادم السندي وغيره الذين كانوا يساعدون الكاظم على الاتصال بالعلماء وإجابة مسائلهم الدينية.ولم يدم هذا الوضع طويلاً حتى توفي الإمام الكاظم في سجنه وكان ذلك عام 183هـ، ويذهب الرواة على الكاظم لم يمت حتف أنفه وإنما جرى تسميمه والمشهور أن هارون العباسي عمد إلى وضع السم في الرطب وأمر السندي أن يجبر الكاظم على أكله.
عمدت السلطات على تبرأة نفسها من أي مسؤولية محتملة، فعمد السندي إلى جمع 80 شخصا من السجن قبل وفاة الكاظم وطلب منهم أن يطلعوا على حال الإمام الكاظم وأن يسألوه ماإذا كان أحدا قد آذاه فالتفت الكاظم للشهود وقال: أشهدوا علي أني مقتول بالسم منذ ثلاثة أيام،أشهدوا أني صحيح الظاهر، لكني مسموم وسأحمر في هذا اليوم حمرةً شديدة، وأبيض بعد غد، وأمضي إلى رحمة الله ورضوانه فأصيب السندي بالصدمة
وأجرت الشرطة التحقيق في وفاة الإمام الكاظم (عليه السلام)فجلبت 25 ممن يعرفون الكاظم شخصياً فقام السندي بالكشف عن ملابسه وسؤالهم "أترون فيه ماتنكرونه؟" فأجابوا بلا وتم تسجيل شهاداتهم. ثم جلب غيرهم ممن شهد على عدم وجود أثر جرح في جسد الكاظم. ثم جمع هارون العباسي شيوخ الطالبيين والعلويين وموسى الكاظم مسجى فقال لهم: هذا موسى بن جعفر قد مات حتف أنفه، وماكان بيني وبينه مااستغفر الله منه فأنظروا إليه. فنظروا إلى جثمانه من دون أن يجدوا فيه أثر جرح أو خنق.
مقتبس من كتاب نزيل السجون للسيد الأستاذ الصرخي
ضُيِّق على الإمام وهتكت حرمتهُ وحرمه وانتقل من ذل الى ذل ومن سجن الى سجن ومن طامورة الى طامورة ومن مهانة الى مهانة ومن سم الى سم حتى لاقى الرفيق الاعلى(جلت قدرته) وصحب جدهُ المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) فأين ردود فعل الناس ؟ وأين غضب السماء والعلامات الدالة عليه؟ وهل يعقل ان نقول ان الإمام(عليه السلام) ليس على حق والدليل ما تعرض اليه ؟
....علي البيضاني