المرجع المحقق يبين الفرق بين عرفان الصدرو لِصّ الحَمّام !!!
سليم الحمداني
أهل التصوف والعرفان يصفون سلوكهم بأنه الانقطاع إلى الله- سبحانه وتعالى- ومن أفعالهم أيضًا أنهم يذلون أنفسهم منتهى الضعة والإذلال فيبتعدون عن الدنيا وملذاتها وشهواتها فلا تغرنهم المغريات والملذات وزخارف الحياة والعيش الهني فإنهم مثلا يلبسون الخشن ويجهدون أنفسهم بالعبادة فإذا هو الاخلاص لله والتعري عن كل شيء يربطهم بالدنيا وملذاتها وكذلك فلا يحبون أن يُعرفوا بأنهم أهل دين وطاعة وعبادة وأنهم في أعلى الدرجات من الورع والتقوى فهذا شيء بينهم وبين الله لم يطلع عليه أحد ولا يعرف درجاته أحد والقصة المشهورة مع ابن الكُرَيبي(وَهُوَ أستَاذ الجَنيد)،والمسمى بالسارق أو لِصّ الحَمّام خير دليل وتفاصيلها في تغريدة الأستاذ الصرخي أدناه بينما نرى التبجح والبحث عن الشهرة وعن المروجين والشهود بأن لديه جنبة باطنية وهذا ما يدعيه أستاذ العرفان الأوحد الصدر-رحمه الله- وأدناه التغريدة كاملة:
(أستَاذنَا الصّدر...العِرفَان اِضْطِرَاب
٣٥- لِصّ الحَمّام ...الشّهرَة... حُسْن ظَنّ المُثَقّف!!!
١- المَعروف عَن التّصَوف وَالعِرفَان، أن يَتَوَجّه العبدُ خَالِصًا إلى الله سُبحَانَه، وَيَنقَطع كُلّيّا عَمّا سواه، فَيذلّ النّفس إلَى مُنتَهَى الضّعة وَالإذلال مَع الإعرَاض التّام عَن شَهَوَات الدّنيَا وَمُغرِيَاتِها!! قَالَ الجنيد:{أخَذْنا التصوّفَ عَن الجُوعِ وَتَركِ الدّنيَا وَقَطعِ المَألوفَات...لأنّ التّصوّف هُو صِفَة المُعامَلة مَع الله تَعَالى وَأصْله التّعزّف عَن الدّنيَا}[الرّسَالة القشيرية٤٣٠، طَبَقات الصّوفيّة ۱۳۱، النّثر الصّوفيّ لخالد حوير ۱۷۹] ٢- هَل يَتَناسَب هذا مَع السّمعَة وَالشّهرة بَين النّاس والسكوت عنها لِعدّة سِنِينَ بَل وَتَسبيبها مِن الأصل؟! وَهَل يَتَنَاسَب مَعَ البَحث عَن مُثَقّفين يُحسِنونَ الظّن بالشّخص، كي يَجعَلها شَهَادَةً عَلى تَصَوّفِه وَعِرفَانِه وَصِحّة بَاطِنِه؟! إنّها تَزكيَة نَفْسٍ غَريبَةٌ مُستَهجَنة!...۳- قَالَ الأستَاذ: {أنَا أيضًا يَدّعِي النّاس أنّه لِي جَنَبة بَاطِنِيّة... وأيضًا أقول أنّ جَمَاعَة مِن المُثَقّفِين!! وَخاصّة مِن المُثَقّفين دِينيّاً يُحسِنونَ الظّن بي!! وَلا يُحتَمَل أن يَكونَ اتّجَاهي البَاطِني بَاطلا!! فمن هذِه النّاحيَة أيضًا صَار هناك قَرينَة على صحّة الاتّجَاه البَاطِنيّ!!}[الحنّانة ٣، مواعظ ولقاءات ٥٤] ٤- لِتَحديد الأعلَم من أجلِ التّقليد، يوجَد عِدّةُ طُرق، مِنها شَهادَة عَدلَيْنِ، فَهَل يُشتَرَط فِي المُثَقّف، الشّاهد عَلَى العِرفَان، نَفسُ ما يُشتَرَط فِي الشّاهد عَلَى أعلمِيّة المُجتَهد الفَقيه؟!... ٥- في حَال تَعَارُض شَهَادَات المُثَقّفينَ، فَهَل تَسقط الشّهَادَات؟! وَلَا يَخفَى أنّ التّعَارُضَ ثَابتٌ قَطعًا، حَيث يوجَد دَائِمًا مَن يُسِيء الظّنّ فِي مُقابِل مَن يُحسِنه؟! مَع مُلَاحَظَة أنّ الّذينَ يُسيئونَ الظّنّ بالأستَاذ كَانوا وَمَازالوا أضعَاف الّذين يُحسِنونَ الظّنّ به!! ٦- لِنَطّلع الآن عَلى حِكَايَة "لصّ الحَمّام" الشّيخ السّالك الصّوفي الّذي لَم يَرضَ أن يَعرفَ النّاسُ أنّه مِن أهلِ الصّلاح، فَبقيَت نفسُه غيرَ مُستَقِرّة ولَا سَاكِنَة حَتّى صَارَ مَعروفًا بلصّ الحَمّام!! قَالَ الغَزالي: {لَقَد انتَهَى المُريدونَ لِولايَة الله تَعالَی في طلب شروطها؛ بِإذلال النّفْس إلى مُنْتَهَى الضّعَة والخِسّة... حَتّى رُوِيَ أنّ ابن الكُرَيبي(وَهُوَ أستَاذ الجَنيد)، قَال: [نَزَلتُ فِي محَلّة، فَعُرِفتُ فِيها بِالصّلَاح، فَتَشَتَّتَ عَلَيَّ قَلبِي، فَدَخَلتُ الحَمّامَ وَعَدَلتُ إلَى ثِيَابٍ فَاخِرة فَسَرَقتُها وَلَبَستُها ثُمّ لَبستُ مرقعَتِي فَوقَها وَخَرجتُ وَجَعلتُ أمشِي قَلِيلًا قَلِيلًا، فَلَحَقونِي فَنَزَعوا مرقعَتِي وَأخذوا الثّيابَ وَصَفَعونِي وَأوجَعونِي ضَربًا فَصرتُ بَعدَ ذلِك أعرَفُ بِلِصّ الحَمّام فَسَكنَت نَفسِي]} ۷- يُكمِل الغَزالي كَلامَه بِالقَول:{فَهكذا كَانوا يُرَوّضونَ أنفسَهم حَتّى يُخَلّصَهم اللهُ مِن النّظَر إلَى الخَلْقِ ثُمّ مِن النّظَرِ إلَى النّفسِ، فَإنَّ المُلتَفِتَ إلَى نَفْسِه مَحجوبٌ عَن الله تَعَالَى، وَشُغله بِنَفسِهِ حِجَاب لَه، فَلَيس بَينَ القَلب وَبَينَ الله حجَابُ بُعْدٍ وَتَخلّل حائِل، وَإنّمَا بُعْدُ القلوبِ شغلها بِغَيرِه أو بِنَفسِها، وأعظَمُ الحُجُب شغلُ النّفس}[إحيَاء علوم الدّين:كِتَاب المحبّة والشّوق والأنس وَالرّضَا: مِن حِكَايَات المُحِبّين وَأقوَالهم وَمكَاشفَاتهم)
الصّرخي الحسَنيّ
https://twitter.com/AlsrkhyAlhasny/status/1290564018399252500/photo/1