اخر الاخبار

الأحد , 13 يوليه , 2014



مقال رائع يعبر عن الواقع الفعلى فى مصر
الثوريون الجدد في مصر: جيل يزداد حضوراً
=======================
بقلم: شفيق ناظم الغبرا استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت

لن يعود النشطاء المصريون الحقوقيون الثوريون عن حراكهم بعد أن ذاقوا طعم التغيير وطرق تحقيقه وبعد أن فقدوا أعز أصدقائهم في ثورة ٢٥ يناير والمواجهات التي وقعت بعدها. لقد كسر هذا الجيل حواجز الخوف والتردد وأصبحت بالنسبة اليه مواجهة القمع والفساد ومصادرة الحقوق وعليائية المؤسسة الحاكمة طريقة في الحياة. فمن دون دولة مصرية رحيمة وديموقراطية حديثة مساءلة أمام شعبها تتقبل الرقابة على سلوكها ومتصالحة مع فئات الشعب المتنوع (اسلامي وغير إسلامي، «اخواني» وغير «اخواني»، مع الرئيس وضده) ستبقى الأزمة تعيد إنتاج نفسها.

هذا الجيل لن يندثر ولن يخرج من مسرح التاريخ، بل بالكاد بدأ بالتعبير عن رسالته، وهو لهذا يصنع كل يوم تراثاً ثورياً وغناء وشعراً وأدباً ومسرحاً ولغة وطرقاً جديدة في مقاومة النفي والتحكم والسجن والفساد والاستبداد. الجيل المصري الجديد من النشطاء والحقوقيين والثوريين السلميين شجاع في توجهاته، ذكي في ممارساته، مندفع في سعيه، وصادق مع نفسه، وهو ساخر حول كل ما يتعلق بالسلطة وقراراتها وارتباكها وتخبطها وفوق كل شيء شيخوختها وفوقيتها. يكفي متابعة التواصل الاجتماعي المصري لبضعة أيام لاكتشاف عمق هذه السخرية وفاعليتها في التحضير لمشهد التغير القادم. هذا جيل متمرد بلطافة وسخرية، ومتمرد بصمت وصخب، بالمقاطعة والكتابة، بالحشد ثم الاختفاء، وفوق كل شيء يجيد استخدام القوة الناعمة: أغنية ومسرح ولغة وفكر وكلمات وسينما وإعلان ودعاية.

بين هذا الجيل المصري الجديد رموز تنبتهم ظروف التجربة، لكن هذه الرموز تعيش الآن وراء القضبان في سجون مصر التي تتميز بفقر تجهيزاتها وسوء تنظيمها وإداراتها. ففي السجون المصرية مئات من الشبان والشابات والنشطاء وألوف غيرهم تم حبسهم بتهم مختلفة. لهذا يتعلم الجيل وسائل مقاومة صبورة كالإضراب عن الطعام، وتتحول السجون إلى قوة دفع جديدة لموجات قادمة هدفها التغير والإصلاح. السجناء كثر فبعضهم من صانعي ثورة ٢٥ يناير وبعضهم انضم إليها بعد انطلاقتها، ففي السجون شخصيات شبابية ورموز أكبر من الحياة يعكس كل منها القيمة الكبيرة لمصر التغيير.

النشطاء المصريون في السجون وخارجها خط ثالث بين خطوط متناقضة وبعد رابع يتعمق في مشواره الديموقراطي من خلال آلام التجربة، بينما يقف بصلابة خارج قدرة القوى الحاكمة وقبضتها الحديدية الأمنية وخارج قدرة التيارات السياسية التقليدية على احتوائه. هذا جيل يصنع تاريخه بالممارسة كما في الفكر، فالعاصفة التي يثيرها لن تتوقف مهما بالغت الدولة العميقة في ردها المدمر والاعتقاد بإمكانية إعادة الناس الى عهد شبيه بعهد الرئيسين السابقين حسني مبارك او أنور السادات.

ولو دققنا سنجد أن الكثيرين من هؤلاء المناضلين محتجز بلا محاكمة منذ شهور في حالات كثيرة بلا توجيه اتهام. سنكتشف أن السجن في هذه الحالة يخلق حراكاً أوسع ويعطي للحركة الثورية المصرية الحقوقية هالة أكبر وعمقاً وقوة دفع ستحتاج اليها من أجل معركتها لمصلحة مدنية الدولة.

في السجن يتعلم الشباب والشابات الكثير عن النظام السياسي المصري الذي يسجنهم، ويكتشفون عبر تجاربهم أنه لا مستقبل لمصر بلا إصلاحات تصيب الهيكل في بعده الاقتصادي والحقوقي والسياسي والقضائي والأمني. لكن مئات النشطاء الذين يقفون مثابرين خارج السجون لا يعرفون متى سيكونون مثل البقية، فاليوم يعملون من أجل التغيير ويصطدمون بالسلطة في الشارع وغداً قد يكونون في السجن وهكذا دواليك. هذا بالتحديد يؤسس لأدب يزداد انتشاراً عن حياة السجون بينما ترتفع قيمة الكفاح من أجل الحقوق. لو دققنا في المشهد لوجدنا مئات من الشبان والشابات ممن يحضرون وجبات الطعام كل يوم وذلك بالتعاون مع ألوف العائلات التي لديها معتقلون، وتدعم هؤلاء النشطاء جيوش من المحامين ممن يلتزمون الدفاع عن كرامة وحقوق السجناء من دون ان يعني هذا تعاون السجون مع كل طلباتهم. إن هذه المجموعات المنتشرة تبذل الجهد والوقت كما أنها تسعى وتثابر متغلبة على مخاوفها وقلقها وخوفها على مستقبلها. بين هذا الجيل تنمو قصة وتتعمق رواية لا يشعر بها النظام ولا يراها. هذا التكون والتشكل سيكون حاسماً في الموجات الثورية القادمة.

لقد تعلم الجيل المصري بأكثر مما يتوقع النظام الأمني. مصدر تعليمه لم يكن التعليم المدرسي التقليدي والقائم على الحفظ، بل إن مصدر تعليم الجيل ارتبط بالممارسة السياسية والاحتجاجية من جهة وبقدرته على القراءة والتعلم الذاتي من جهة أخرى. فبكبسة زر يتعرف الجيل كل يوم على واقعه نسبة الى واقع المجتمعات الأخرى في العالم. إن الجيل المصري الذي يتشكل حقوقياً وسياسياً في مواجهة التجربة المرة منذ انقلاب ٣ يوليو 2013، لم ولن ينجر الى التطرف المسلح وممارسة العنف. فهذا الجيل مؤمن بسلمية التعبير والوسيلة، لكنه ملتزم في نفس الوقت بضرورة بناء حالة تسامح وتعايش تحمي الحريات والحقوق بين المختلفين كما تراقب النظام السياسي في كل أعماله. لهذا يتفادى هذا الجيل تكرار الروح الإقصائية التي تنتشر في صفوف النخب الحاكمة التي يختلف معها كما وتنتشر مع بعض المعارضات السياسية والمسلحة التي يختلف مع وسائلها أيضاً.

هناك حتماً فارق نوعي بين جيل النشطاء وبين حكومات خطابها وسلوكها لا يزالان عالقين في الستينات و»صوت العرب» والصحافة القومية. الجيل الصاعد أكثر ذكاء في المجال التكنولوجي والعلمي والمعرفي ووسائل التعبير والتأثير وهو حتماً قادر على استيعاب عنف النظام عبر خلق روايته ومقاومته وبطولاته وتضامنه وقصة صموده. وبينما يشيخ النظام ويفقد قوة دفعه فإن قوى الحراك الشبابي المصري في تصاعد ونمو رغم حجم الانتهاك الذي يمارس عليها.

الجيل المصري الجديد ومثله الجيل العربي الجديد يحمل عقلية كونية، إلا أنه لا يثق بسياسات الأنظمة في كل مكان بما فيها الأميركية والأوروبية والغربية التي تسعى لحماية مصالحها أولاً وأخيراً. انه في الجوهر مع مساءلة السلطة ومراقبتها وضرورة تقيدها في كل مكان، وهو مع التداول على السلطة ومع استقلال حقيقي للقضاء ومنع استخدامه واستخدام الجيوش والأمن والقمع في الخلاف السياسي والشأن الاقتصادي، وفوق كل شيء يؤمن الجيل بقيم العدالة الاجتماعية والحريات. إن فهم هذا الجيل للديموقراطية ليس تقليداً للأنظمة الغربية بل سعياً منه لإعلاء مبدأ المشاركة وتقليص الامتيازات.


القراء 1845

التعليقات


مقالات ذات صلة

القـســـ ام تــ دمــ ر ١٦ آلية عسـ كرية بينها ١٣ دبــ ابة صباح اليوم

قطر تمنح حق اللجوء السياسي.. المزايا والفئات المستحقة

البرلمان التركي يقر فرض حالة الطوارئ

الجارديان: 30 ألف عاهرة في دبي

استمر في النقد ... اسقاط الانقلاب بأساليب القرن ٢١

ومضة إيمانية -

مقربون من "الزند" يسربون أخبارا عن إعدام مرسي في العيد

‫#‏كل_عام_وانتم_بخير‬

إعلام تنظيم الدولة الأكثر احترافية وشمولية بين الحركات الجهادية، والإسلامية عموماً،

ويكيبيديا مصري.. الموسوعة الغامضة وقصة 6 سنوات من الفشل

نشطاء ساخرون علي"تسريبات الشرق": خسارة كرسي رئيس المخابرات الجديد مالحقش يبرد..

صدق "عمر سليمان" وكذبت شعوبنا العربية

لا تلوموا أمريكا

مواطن مغربي أختصر جواباً للممثل المصري : يوسف شعبان

ماذا ترتب على قتل قابيل لأخيه هابيل؟

حوار بين أب مسيحى وأبنه حول نشيد الأنشاد

قصة رجل اعمال كاد ان يكون رئيسا : احمد العز وكيف صنع ثروته و .. سطوته

.خمسة أسباب خلف تردد دول الخليج فى تقديم المزيد من اموال لانقلابيي مصر

هام جدا الرجاء القراءة لن ياخذ دقيقة من وقتك للتعرف على موقع شبكة صوت الحرية وخدمات الموقع

حقيقة بنى إسرائيل ليسوا يهودا

مؤامرة عربية لحماية عرش السيسى من الانهيار ..! أسرار قيام إسرائيل بالحرب على غزة..

التاريخ المغربي فى القدس الشريف

أبرز ما ورد في الصحافة الصهيونية لخبر طائرة أبابيل التي أطلقتها حماس

حصيلة عام من مجازر الانقلاب

مفاجأة جديدة.. المقاومة تستخدم طائرة بدون طيار وتواصل قصف إسرائيل

مراحل الميت في القبر من اول ليلة الى 25 سنة

الإطاحة برئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مكتشف صاحب نظرية الكفتة فى علاج الايدز بالصلاطه

أول حكم قضائي بسجن 5 سائقين بعد إضرابهم رفضا لرفع أسعار الوقود

مقال رائع يعبر عن الواقع الفعلى فى مصر الثوريون الجدد في مصر: جيل يزداد حضوراً

كشف العالم النووي الباكستانى د. عبد القدير خان عن حقائق خطيرة عن أسباب الإطاحة بالرئيس مرسى من منصبه على يد الجيش

لمــــــــاذا لم تعترف امريكا ان ما حدث فى مصر انقلاب؟

السبب في وصول شباب وفتيات مصر الي درجة كبيرة من الانحطاك الاخلاقي

صرخة فتاة من ضحايا ( الشات )

القاضي الفاشي حكم عليه بالإعدام ثم عرف انه طفل عنده 16 سنه من خلال جريدة المصري اليوم

من قتل الشهيد سليمان خاطر ؟

هل تجروء يا بلال ان تعيد نفس المقال مع تغير الأسماء ؟؟

نشطاء" يفتحون ملفات فضائح مظهر شاهين الداعر

الجارديان ترصد الضجة التي أثارتها دعوة القمني لبناء كعبة في سيناء

((كل حكمة أفضل من اللي قبلها))

ثورة العراق.. و«الاتجاه المعاكس»: سلامي الحار للأمر الواقع!



خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net