اخر الاخبار

السبت , 4 يوليه , 2015


بقلم : مهندس / محمود صقر
2/7/2015
غريزة الخوف واستغلالها سياسياً .
الكاتب الراحل " خالد محمد خالد " كتب في أحد مقالاته في أخريات حياته أنه سيعطي صوته " لحسني مبارك" في انتخابات الرئاسة .
" خالد محمد خالد" بالنسبة لي ، شخص لا أستطيع اتهامه بمداهنة السلطة أو التربح من ورائها ، فهو من الكتاب القلائل أصحاب المواقف في الحقبة الناصرية ، فضلاً عن أنه سخر قلمه للدفاع عن الحرية و الديموقراطية منذ صدور كتابه في أواخر الأربعينيات " مواطنون لا رعايا " ، وحتى وفاته .
فلماذا إذاً يتخذ هذا الموقف .؟!
أغلب الظن أنه بدافع غريزة الخوف .!!
كيف وهو صاحب الكلمة الجريئة .؟!
هذا موضوع آخر .. فهو في النهاية إنسان شأنه شأن الناس جميعاً ، لهم أرواح تشدهم للأعلى وتدفعهم للطموح والحلم والأمل والتغيير ، ولهم غرائز منها الخوف ، وحب البقاء...
ويزيد من عمق غريزة الخوف ، البعد الثقافي للشعب .
فهناك شعوب موروثها الثقافي يقوم على المغامرة والمخاطرة .
فالرئيس الأمريكي السابق " بيل كلينتون " يخاطب الشعب الأمريكي قبيل انتخابات الرئاسة للفترة الثانية لولايته في كتابه، "بين الأمل والتاريخ": (للتاريخ عادة في اختبارنا كأفراد وكأمة، إذ اعتاد أن يطلب منا أن نختار بين آمالنا ومخاوفنا ، .. ولقد قدم التاريخ أمريكا غالباً وهي تختار الأمل علي الخوف.)
إنه يُسَّوِق نفسه بهذه اللغة لأنه يخاطب شعباً تكَّون من مهاجرين مغامرين طموحين يسعون دائماً للتغيير والمخاطرة من أجل الربح ... هذه هي ثقافة مجتمعه .
أما " حسني مبارك " فحين يقدم نفسه لشعبه يرتكز على ركيزتين أساسيتين :
الأولى : أنه صاحب الضربة الجوية الأولى ( يعني بطل وقوي و " دكر" .)
والثانية : الاستقرار .
والاستقرار هنا ليس هو المفهوم المستقر في العلوم السياسية القائم علي: بناء دولة المؤسسات، والفصل بين السلطات ، وسيادة القانون ، وإرساء قواعد الحرية والمساواة ، والعمل على التنمية والتقدم والبناء...
كلا يا عزيزي ، مفهوم الاستقرار المباركي أن مصر لا تكون مثل العراق والصومال وأفغانستان .... مفهوم ولغة خطاب تغازل غريزة الخوف، وتدعو الشعب إلي الركون والجمود والسكون، خوفاً من حركة أو تغيير لا تدري إلي أين ستأخذنا .!!!
إنه يخاطب الشعب باللغة التي تتفق مع تربية وثقافة القطاع الأعظم منه .
فالشعب تربى زمناً على أن " الحيطان لها ودان " .. " ومن خاف سَلِم " ....
ويستوقفني مثل ريفي عجيب غريب ، يقول " امشي سَنَة ولا تعدي قناة .!!"
- والقناة عند أهلنا في الريف هي أضيق مجري مائي بحيث لا يتجاوز عرضها متراً واحداً -
يا سلام ... يا سلام ....
يعني تضيع من وقتك سنة وتخسر الفرص وتضيع الجهد والوقت حتى لا تخاطر وتغامر وتعبر قناة .!!!
شيء يفقع المرارة...
يعني نفترض أنك وقعت وأنت تقفز فوق القناة ، ... عادي يعني .. ستقوم مرة أخري وتستأنف السير، ومع تكرار التجربة ستحترف القفز.!!
هذه الثقافة تم استغلالها جيداً ممن يريدون بقاء هذه الأمة في حال من الجمود والركود والسكون، أو باللغة العسكرية (الجري في المحل).
ومازال وتر الخوف هو الوتر الحساس الذي يعزف عليه قادة لا يمكن بأي حال أن يكونوا أهلاً للقيادة ، أو يكون معهم أي أمل في التحرك سوي : (للخلف دُر.)


القراء 974

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net