بقلم : مهندس / محمود صقر
16/09/2015
طائر الحرية
منذ فجر التاريخ يحلم الإنسان بالطيران إلي السماء.
" عباس بن فرناس " اقتحم الحلم .
نظر إلى السماء ، وجد الطيور تخفق بأجنحتها في الهواء .
صنع الجناح ، صعد إلى أعلى الجبل .
صعد معه إلى الجبل قوم شاركوه الحلم ، تعلقت به آمالهم ، شخصت إليه أبصارهم، انحبست معه أنفاسهم.
وفي السفح قوم في دهشة ينظرون ، كفاً بكف يضربون ، يتعجبون .
يتساءلون : أي شيء في السماء يجعلكم بأرواحكم تضحون أيها المخبولون ؟!
أفي سمائكم بقل وفوم وعدس وبصل ........وطين؟!!!
أفي سمائكم ثور ومحراث وكرباج وكوخ ......وعجين؟!!
أفي سمائكم قصور ونساء ذوات قدٍ يميل وخصرٍ نحيل وخد أثيل؟!!
فلماذا إذا تطيرون، وبحياتكم تغامرون، ولأرضكم تفارقون؟!!
استعد " ابن فرناس " للقفز .
قفز .. ، اندقت عنقه ، انكسر الجناح .
والناس في السفح يهللون ويرقصون ، ألم نقل لكم أيها المخبولون ؛ في الأرض أمان واستقرار ، في الأرض بقل وفوم وعدس وبصل ....وطين .
ألا تفهمون ، ألا تتوبون ، ألا في الحظيرة تدخلون ؟!!
أريحونا من خفق أجنحتكم ، دعونا في هدوء ننعم بالطين والأمن والاستقرار ، والموت البطيء... اللعين .
وفي الجبل ، حزن وألم وحرقة ودموع .
بعضهم نزل إلى السفح حيث الطين والأمن والاستقرار والموت البطيء....اللعين .
وبعضهم هزمه اليأس، وبعضهم شغله الجدل حول أخطاء التجربة.
وبعضهم ظل فوق الجبل وأخذ الجناح المكسور ، تعهده بالإصلاح والرعاية .
حمل الحلم من جديد ، استعد لتكرار التجربة ، ... وطار الإنسان .
وهكذا الأحلام ..
الحلم فكرة لا تموت ، عشق لا ينطفئ لهيبه ، روح لا يخبو نورها .
يحمل الحلم قلة ممن يصعدون القمم، يحملون إيمانًا بالحلم، وإخلاصًا له، وتضحية في سبيله.
بحماس لا يفتر، وعزيمة لا تلين، وأمل في الله لا ينقطع. حتي يتحقق علي أيديهم قدر الله النافذ.