اخر الاخبار

السبت , 8 أغسطس , 2015


بقلم : مهندس / محمود صقر
8/8/2015
هكذا نريد أن نكون .
إذا كان القرن الثامن عشر والتاسع عشر هما قرني الثورة الفرنسية و الثورة الأمريكية .
والقرن العشرين هو قرن الثورة الروسية والصينية.
فلا شك عندي أن القرن الواحد والعشرين سيكون قرن الثورة العربية.
والثورات هدم يعقبه بناء وما يضمن نجاح واستمرارية البناء، وضوح أيديولوجية البناء.
الثورة الفرنسية سبقتها أفكار "فولتير" و"منتسكيو" و"جان جاك روسو"...
والثورة الأمريكية سبقتها أفكار "جون لوك" و "تومس جيفرسون" و"راف والدو أمرسون" ..
والثورة الروسية سبقتها أفكار "ماركس" و" إنجلز"...
ومن أبجديات أي أيديولوجية بناء أن تكون نابعة من آلام وآمال واحتياجات المواطنين ومتفقة مع هويتهم .
ومجتمعاتنا التي كانت ومازالت حقل تجارب لأنظمة من الغرب والشرق، آن لها أن تعود إلي هويتها، وتحدد بوصلتها، فلا صلاح لهذه الأمة ولا بناء لمستقبلها دون الارتكاز علي هويتها الإسلامية.
ولأن الناس من كثرة التشويش عليهم صار بينهم وبين كلمة نظام إسلامي حواجز نفسية.
فنريد أن نبسط معني نظام إسلامي من خلال معني واحد هو "الخير".
فإذا كان الخير بمعناه الواسع مطلباً إنسانياً دعت له كل العقائد والمذاهب، فليس هناك عقيدة حولت فعل الخير إلي قواعد ونظم صارت جزءاً أساسياً من بنية نظامها السياسي والاجتماعي، غير عقيدة الإسلام.
فقد حددت نسب محددة من الأموال والممتلكات يتوجب علي المسلم أن يؤديها ولا يتركه يؤديها كيفما شاء ولكن يحدد له أصنافاً محددة للإنفاق ، بل وينشئ لتنظيم ذلك مؤسسة خاصة اسمها "بيت المال".
وينقله من الفرض إلي الفضل ، حيث باب الصدقات المفتوح فيما زاد عن واجب الزكاة، وحيث المتسع من المصارف، ثم يتوسع في معني الصدقة ، ففي حديث النبي عليه الصلاة والسلام:
(تبسمك في وجه أخيك لك صدقةٌ، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقةٌ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقةٌ، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقةٌ، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقةٌ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقةٌ)
ثم تأتي الأوقاف لتجد فيها خصائص فريدة لأمة عظيمة تركت آثاراً باقية في كل الحواضر الإسلامية تمثل علامة فارقة علي حضارة قامت علي نشر الخير، فأينما يممت وجهك في المدن التي دخلها الإسلام تجد التكايا (لإطعام الفقراء والمنقطعين للعبادة وعابري السبيل) والخانات (أماكن لسكني عابري السبيل) والأسبلة (لسقيا المارة وعابري السبيل) وتفننت تلك الحضارة في عمارة تلك المنشآت، وبمقدورك أن تري آثارها حتى الآن في قلب أوروبا في بلاد البلقان وفي جنوب أسبانيا.
بل شهد العالم الإسلامي أنواعاً فريدة من الأوقاف منها وقف "الأواني" يعني استبدال الأواني المكسورة بأخري سليمة لحماية الخدم الذين يكسرون أواني من أذي مخدوميهم .
وأوقاف بحفر الآبار وأخري لعلاج الحيوانات....
وحتى في مجال التشريع لا يخلو من جانب الخير وتأمل معي هذه الآية: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا ) {النساء:8}.
قد يتوصل أي تشريع إنساني إلي قسمة ما للأموال بين الوارثين، ولكن: أن يعطي فضلاً لمن حضر من أولي القربي واليتامي والمساكين، بل ويضيف قيمة أخلاقية فوق هذا: "وقولوا لهم قولاً معروفاً" فتلك هي اللمسة الإلهية، تلك هي لمسة الخيرية للنظام الإسلامي .
اخترت مثال "الخير" تحديداً لتبسيط فهم أحد أبعاد النظام السياسي للإسلام، ولأمر آخر مهم وهو الجانب الأخلاقي الذي ينبغي ألا يغيب عن شكل النظام المنشود.
فلا خير في أي تغير أو شكل منشود للمستقبل لا يرتكز علي المبدأ القرآني العام :(ولقد كرمنا بني آدم).
أقيموا دولة المستقبل في عقولكم وقلوبكم، تقم علي أرضكم.



القراء 824

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net