اخر الاخبار

الإثنين , 28 سبتمبر , 2015


بقلم : مهندس / محمود صقر
27/09/2015
أرفض العيش في مملكة النحل .
بيت النحلة في غاية الدقة والإتقان ، يبنيه جيش من النحل ، كل فرد في الجيش يعرف وظيفته ، ولكل منهم درجته الوظيفية في هذا الجيش.
ولكن السؤال المهم هو: برغم الدقة المتناهية والنظام البديع والالتزام الوظيفي، هل تطور بيت النحل منذ نشأته إلى الآن.؟؟!!
وهل من الممكن لهذا الجيش من النحل بهذا النمط أن يغير بيته في المستقبل.؟؟!!
وفي المقابل هل احتفظ بيت الإنسان بشكله أم تطور.؟؟
هل من الممكن تخيل وضع ثابت يلتزم به كل الناس لشكل بيوتهم.؟؟
وهنا بيت القصيد.
فبيت الإنسان يتكون أولاً في خيال الإنسان قبل أن يحوله إلى واقع.
فالإنسان يختلف عن سائر المخلوقات بما وهبه الله من خيال وإبداع وابتكار وإرادة حرة للاختيار.
ويوم يفقد المجتمع الإنساني تلك الصفات الإنسانية فهو يفقد أخص خصوصيات الإنسانية ويتحول إلى مجتمع "حَشَري".
وقد خاضت بعض النظم السياسية تلك التجربة بالفعل.
فالنظم الشيوعية والفاشية والعسكرية حاولت تحويل مجتمعاتها إلي معسكرات عمل.
وبالفعل نجح بعضها من خلال النظم الصارمة في خلق منظومة إنتاج ناجحة من خلال معسكرات العمل الصناعية والمزارع التعاونية ...
وبدت مجتمعاتها كخلية نحل دقيقة منظمة لها ملك وشغالة ويعاسيب، واستطاعت أن تبني بيوتاً ومصانع وأسلحة وتكنولوجيا....
ثم ماذا كانت النتيجة.؟
اكتشف الإنسان أن تقليص دوره إلى مجرد وظيفة إنتاجية استهلاكية، -حتى لو كان له مكان في عمليات الإنتاج والاستهلاك- هو عملية منظمة لسلب إنسانيته.
وأي نظام من شأنه أن ينزع عنه تلك الحرية ويعفيه من مسئولية الاختيار الحر، هو نظام غير إنساني ولو ادعى ألف مرة أنه أدرى بمصلحة الناس.
ومن ثم انهارت تلك المجتمعات أمام التطور المستمر للإنسان وتطلعه الفطري للحرية والإبداع والاختيار والمسئولية.
ومن هنا رفضت كل المجتمعات المتطورة هذه النظم "الحشرية" البائدة.
ولكن يبقى للثقافة دورها في هذا الإطار.
فالعيش المنظم في مجتمع "حَشَري" هو مطلب مريح لمن تعوّد عليه، فكثير من الناس يعشق عيشة النحل ، يتبع أوامر الملكة ويثق في عقلها المدبر ويكتفي بوظيفة "الشغالة أو اليعسوب" ليضمن له مكاناً داخل الخلية.
ولهذا لا تستغرب أن تجد أستاذ دكتور متخصص في علم النفس يقترح في برنامج تليفزيوني إدخال الأطفال للجيش من سن ثلاث سنوات، وبحد تعبيره: "يبقى فيه -جيشي 1 وجيشي 2- على غرار -كي جي 1 وكي جي 2- ليتعلموا النظام والضبط والربط وتبقى البلد كلها جيش ".!!!
وأحد المهندسين الزملاء ضخم الجثة -الطول مترين والعرض عرضين- أراد أن يقنعني بالعيش في مملكة النحل فقال لي:( نحن مثل من يعيش في غرفة مظلمة ومجموعة محدودة منا "مملكة النحل" تملك خرائط المكان وتحفظ تفاصيله وتستطيع التحرك داخله، أما نحن فإذا أردنا أن نتحرك بأنفسنا في هذا المكان، فسنتعثر في الظلام، وقد نكسر محتوياته أثناء حركتنا، أو ننكسر نحن).!!
قلت: ولماذا تعشق الظلام، وتألف العيش فيه.؟!! لماذا لا تفكر في إشعال الضوء.؟!! لماذا تخافون من النور.؟!!
ألا تستحِم يارجل ..؟!! لقد زكمت رائحتكم أنف الوطن.!!
يا عزيزي: أنا أرفض العيش في الظلام حتى لو فقدت كل الوسائل سوى .. نور الإيمان في قلبي بخالقي وديني.. وبأنني إنسان.
أرفض العيش كحشرة.. حتى لو كنت غارقاً في عسل.. مملكة النحل.


القراء 916

التعليقات


خريطة الموقع


2024 - شبكة صوت الحرية Email Web Master: admin@egyvoice.net