بقلم: الكاتب
جبريــ الملك ــل
أن لمعـرفـة النفـس أُسس أخلاقيـة عاليـة المطلـب تتفاوت فـي حجمها وحجـم تطبيقاتها تفاوت نسـبي حيث تتسـع دائرتها بأتساع الكم المعلوماتي الذي يحصل عليه ذلك الباحـث عـن التكامل والرقي فتارة يكـون الكمال سـلبي النتائج كالكمالات الماديـة الزائلة والمتهتكـة بمرور الزمـن وتُعنى بالسلبيـة لزوالها وأرتفاعها فلافائدة منها ومن كل مصاديقها ك الدنيا فهي زائلة على كل الأحوال وتارة يكـون الكمال أيجابيا حـيث يرتقي الأنسان الى عالم ماوراء المادة وهـو أجل وأعلى مـن سابقـه لإمتناعـه عـن الزوال شـريطة أن يتمسك الباحث عنه تمسكا لاينفع معه الشك أو الظن فـي التخلي عنه وهـو المطلوب وأول درجات الكمال معـرفة الحقائق الأنفُسيـة وأصدق وأقرب تلك الحقائـق هـي الحقارة أو التحـقير للنفـس فالأنسان حينما يدرك أن الخالق تفضل عليه في كل شيء من الخالقية وبداية النشأت الى الممات وأنه دائما وأبدا كائن ضعيف محتاج لايساوي شيء دون القدرة الخالقية عندها يدرك أنه حقير ضعيف ذليل الى الله وهـنا يبلغ أولى مراتب الكمال وأولى مراحل التخلي عن الماديات واللجوء الى اللاماديات فيتخلى عن تلك الزوائل الباعدة والمانعة عن بلوغ رضا الخالقيـة والملاكات الربوبية لأنها تمثل الجدار العازل أو الغشاوة المانعـة من رؤيـة الحقائق الملكـوتيـة وهـي ايضا أولى مراحل المعرفة بالوحدانية والأقرار بالعبودية المطلقـة لله مع ضـم العامل الأخلاقي الذي لاينفك عـن سابقـه فلانفع للمعارف مالم تكون قد أوجدت العامل الأخلاقي في ذات النفس لذلك نرى ومن خلال تصفح وقراءة جل إن لم يكن كل الكتب التي الفها المحقق الصرخي فهـي الأخرى التـي لاتخلو من المقدمة الأخلاقية فلا نفع من فقه وتفقه بل لانفع من كل علم مالم يكون فيه الأخلاق جذر يمده بالأستمرارية الرساليـة أما بما يخص النفس وتحقيرها فقد ذكر المحقق الصرخي في كتاب الصلاة قائلاً:
على الأنسان معرفـة حقارة النفس وذلتها ومعرفـة كونه عبداً ذليلاً فقيراً ضعيفاً محتاجاً لايقدر على شيء من النفع والضر وأوله نطفة ندرة وأخره جيفة قذرة وهو مابينهما يحمل العذرة ..
وياله من وصـف دقيق لحقيقـة الأنسان وذاته الأنفسيـة تلك النفس الأمارة بالسـوء الباحثـة عن المعذرية لكل شرورها والمتعالية على أسس واهية واهمـة لاترتقي لأضئل الحقائق ومع كل هذا الكم الهائل من الصفات المتدنية والباعثة نحو التحقير حين تطرح على العقل والمنطق إلا أننا نجد ذلك الكائن الضعيف المحتاج والفار من طنين الذباب يكون في مستوى عال من الجبروت والطغيان حتى يصل به الأمر الى أدعاء الربوبية وهو أضعف من أن يمتلك قراراته بل هـو أضعف من أن ينتصر على نفسه ورغباتها الزائلة !!! فلا أعلم من أي حضيض أنحدر فكره والـى أي حضيض سيستقـر؟؟!!!!!