بقلم: الكاتب جبريــ الملك ــل
إن أخلاقيات البطولة والشـجاعة والإقدام، تكاد تكـون متبلورة بين أروقة القضيـة الحقـة مهما تناقـص تاركيها أو تكاثر معاديها، بل هذا هـو العامل الأساسي في ضرب الأقيسة بملامح الشـجاعة والبطولـة، إذ لا منفعة بل لا مشاح من وجود صرخات مدوية في وسط حجيج متزاحم يتبع الحق فهذا الدوي يكون مضمحل أمام صرخات أكثر علوا مماثلة للأولى فلا مائز فيها يذكر لذلك أُلحـق، وأُقرن سالك الحـق بمنهجيـة الشـجاعة والإقـدام فوحـشة الطـرقات توهم القوى الباطنـة بخلو الطريق من الأمان وتراكم المخاطر والهلكات فيـه، وهنا تلعب القوة الواهمـة دورها فـي زحزحـة واقعيـة العقل وحاكميـته على الموجودات الفعليـة وطردية النتائج الواهمـة التي بدورها تثبط السـالك حـتى يبلغ خـطوة التراجع فينسـب ما ليس بنتيجـة واقعيـة نتيجة، وما ليـس بمدرك عقلي مدرك، حـتى يتسنى لـه التقهقر مصـحوب بحجج واهيـة أقربها للعقل شبهـة (لا حكم إلا لله…!!!) وهنا لا بأس إن قمنا بنسـج معادلـة ومقارنـة بين أخلاقيـة الهزيمـة وأخلاقيـة النصر، وبذور طرفي النقيض هما الجبن والشـجاعة.
فالجبن: بدايتـه عبارة عـن غريزة خلقها اللـه في قلب كل إنسان تسمى بالخـوف وهذا مما لاشـك فيه يكون طبيعيا ولكن ما يخرجه عن هذه الطبيعة الفطريـة هو تنميـة هذه الغريزة في داخل الأنفس حتى تتفاقم فتصبح جبن فيضطر صاحبـها قهراً وليس إختياراً على ترك الحق وترك قضية الحق والتراجع الملحوظ في خطاباته، بل حتى تنقلاتـه وصـولاً الى واقعيـة الغرق في بحور الظلامية، والإندراس والدخول فـي العمالـة والسمسـرة وكل ما هو مستقبح نسجه الشيطان.
أما الشـجاعة: فهي تلك النتيجـة العكسيـة والطرديـة التي تبايـن الأولى من خلال سـحق الغريزة أي غريزة الخـوف تدريجيا شيئاً فشيئا حـتى يرتقي صاحبها أعلى رتب الشـجاعـة فيقدم على ما هو كل ذي خطورة ولا ينظر الى الخلف مهما تراكمـت ظلامـية الواهمـة العقلية، فنراه في بوتقـة العلم والمعرفـة والرقي والتكامل الأخلاقي لا يستمع لباطل يقال، أو لشبهـة تعرض، يقدم على تحقيق الأهداف، وإن بلغ الثمن زهق الأرواح، كل هذا ليس بمهم لدى سالك الحق، مع وجوب ولزاميـة ضميمة الحكمة والتعقل، فالشجاعة لا تصرف في مواضع التهور والبهيميـة وإلا فلا فرق بين كواسـر الحيوانات والمنهجيـة الإنسانيـة. بعد ذلك علينا أن نعلم إن لمفهوم الشـجاعة مصاديق عدة نذكر جلها على سبيل المثال والتقريب والمنفعة (الكرم، والسماحة، وقـول الحق الذي نحن بصـدده، والرضا بما قسم الله، والصبر، والتحلي بالأخلاق الحسنة) فلا يُكرم من كان خائفا على ماله، وبذلك يكون من باب أولى أكثر حرصاً على نفسـه فلا يبلغ غاية الجود بالتضحيـة. فكل تلك الأمثلة وغيرها ممن شابهها تمثل إخلاقيات الشجاعـة التـي لطال ما أدب عليها أنصاره سماحة الأستاذ الصـرخي الحسني(دام ظله) حيث أورد الكثير من تلك القيم والمعاني التـي بمكنونها تعبير لايمكن أن ينفك عـن أُطر الشـجاعة ونيل مراتب الإرتقاء الروحي والفكري إذ لاتوجد مفردة حقيقيـة تسمى بحـرية الرأي الفكري بل هـي شعار أجوف باطنه حجم هائل من أساليب القمع والتغييب وهـذا يتطلب شـجاعة تكافـئ وتقابل هـذا المنهج لكي تطرح الأفكار بلياقـة علميـة تامـة ويمكن أن نلتمس ذلك من خلال تلك المحاضرات التحليلية الموضوعيـة التي طرحها والقاها سـماحته بعنواني (الدولة المارقة)… (والتجسيم الأسطوري) والمتتبع لهما يدرك حجم الخطورة التي أحيطت بسماحتـه جراء تلك المحاضرات التأريخية والعقائدية التي قل نظيرها كماً ؛ونوعاً ؛وأسلوباً؛ بل لايوجد لها قرين يـذكر؛ ولتسليط الضوء أكثر على فكر الاستاذ الصرخي الحسني دام ظله اليكم هذا الإقتباس من محطات في مسيرة كربلاء حيث جاء فيه ( لنسأل أنفسنا عـن الأمر؛ والنهـي تلك الفريضة الالهية التي تحيا بها النفوس ؛ والقلوب ؛ والمجتمعات ؛ هل تعلمناها من نهج الحسين عليه السلام؟ وهل عملنا بها وطبقناها على نهج الحسين الشهيد واله وصحبه الأطهار عليهم السلام؛ وسيرة كربلاء التضحية؛ والفداء؛ والإبتلاء والإختبار ؛والغربلة ؛والتمحيص ؛وكل انواع الجهاد المادي والمعنوي والأمتياز في معسكر الحق وعدم الإستيحاش مع قلة السالكين )
https://a.top4top.net/p_1029s8kto1.png?fbclid=IwAR0cTipg6twEjUlPBpeZvfFXAK_ttka0rNeRyRqylFpXE8ThsgUIKDyx3AA