بقـلم: الكاتب جبرائيل الطائي
إن للأسس المنطقيـة حاكميـة علـى العقـول الراجحـة فكريا ومعلوماتياً وأصـدق تجليات تلك الأسس وأوسـع مفاهيمها هـو النظام الأخلاقـي فهـو يعتمد فـي مدلولاتـه على تربيـة النفس وتزكيتها وتنزيهها عـن كل ذي شائبـة مهما بلغ صـغر حجمها فضـلا عـن كبائرها لـذلك نجـد العامل الأخلاقي ومدى تطبيقـه هو المقياس الأول الذي يطرحـه المتتبع أو المصـنف لمختلف الشعـوب وعـلى هـذا الأساس و لذلـك نجـد أن كل الديانات السـماويـة جائت تبشـر بالتعاليم الأخلاقـية فلا فائدة من بناء مـؤسسات علميـة وأنظمـة تطويرية مالم تكـن محكومـة لذلك النظام الأخلاقـي الذي يحفظ للأنسان حقـوقـه وكرامتـه وإلا كيف تحفظ الحركيـة العلميـة وأنسيابيـة التعايش بين مختلف المكونات على مختلف المناهج والتوجهات بل كـيف يحفظ الطابع الأنساني مالم تكن للمنظومـة الأخلاقيـة السـيادة التامـة على كل المفاصل المذكورة أعلاه فلو دققنا ملياً فـي مايحصـل بالأمصار مـن قتل وسلب ونهب وأضطهاد وشـرور ودعـة وتمزق نجـد أن المسبب الأول لهذا الهبوط الفكري هـو ضياع النظام الأخلاقي وأرتفاع صـوت العدائية والعنجهية التي تكفلت فـي ضياع جـل الشعـوب أن لم يكن الكـل وهـذا إن دل دلَ عـلى السـياقات الخاطـئة التـي مارستها الشـعوب وأنظمتها الحاكمـة وهـي الأخرى التـي ماانفكت عـن ممارسـة الضغوطات الفكريـة المنحرفـة والتي نجحت نوعاً ما فـي ترسيخ تلك الأخلاقيات الهابطـة والهزيلة فـي أذهان شعوبها فآل الأمر الـى أنحلال القيم والمبادئ وتوسعـة دائرة الجريمة الممنهجـة فلم تجني تلك الشعـوب سـوى ويلات الحروب والغوص فـي أنهُر الدماء التي كان من المقدر لها أن تصان وتحقـن فلا طود متين يحميها ولاشيطان يكـف عن أغوائها فسيقت الأمور الـى الأنحطاط بدعاوي شتى كالتحرريـة والعولمـة وتبرير الأنهزامية الأخلاقية من أجل الوصول الـى الغايات نحو شعار الغايـة تبرر الوسيلة أضافة الى تلك الموصوفات العدائية الدخيلة على النظام العقلي كالطائفية والعنصرية وصراع الدينية مع اللادينية صراع دموي لايرتقـي لمستوى النقاش العلمي والشرعي والأخلاقي حتى ضربت المجتمعات برمتها فـي خلاط التكفير الذي طال جميع الفئات العمرية وعلى مختلف التوجهات الدينية والمذهبية .. الأن نطرح كل ذلك على المنظومة العقلية ونقول هـل ذلك من الدين بشيء ؟ وهـل هـذا موافق للعقل والنقل؟ وهـل حقاً سيكون مصاف تلك الشعوب فـي المراتب العليا من التقدم والأزدهار؟ عندها يجيب العقل بقول كلا فالمحضية ملازمة لتلك الهزيمة الأخلاقية مهما بلغت الثورة الصناعية والعلمية من سمو وعلو الا أنها تبقى مفتقرة الى مايحميها من قانون أخلاقي لذا فهي نصيحة لكل الشعوب المتقدمة منها والمتأخرة لافائدة من تلك العلوم بل لامستقبل ولاحماية لتلك العلوم مالم تكن داخل النظام الأخلاقي الصحيح ..