بقلم: الكاتب جبريــ الملك ـل
بسـم اللـه الرحـمن الرحيـم
(143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) سـورة آل عمران
أرتقت المنظومـة الفكريـة الإسلامية أعلى مراتب الرقي الأخلاقي والعلمي؛ وتميزت ؛وأنفرزت عـن باقي المنظومات الفكرية؛ بسبب نظرتها الإيجابية للوجود وحقيقـة الوجود؛ أما باقي الأنظمة فهـي محدوة الرؤيا؛ ومختصرة على الوجود المادي دافعـة ؛ومنكرة لما هو خلف ذلك الوجود؛ المسمى بالوجود اللامادي لذا عبرعنها بالنظرة السلبيـة ؛ إذن سببيـة رقي المنظومة الإسلامية هي تلك النظرة الإيجابية المهذبة بتهذيب الخالق لها ولصاحبها ؛وقائدها رسول الرحمة؛ محمد-صلى الله عليه وآله وسلم- ؛ فالقيادة لاتصلح إلا لمن هُذبت نفسه ومُحصت؛ ومحمد خير مثال لذلك قائداً مهذِباَ ومُهَذبا ؛ ولكن بعد إستشهاده؛ مرت هذه المنظومـة بشيء من الضعف والتخلخل نتيجة عكسية؛ لحقيقـة ما خطط لها من تجاذب ورقي فكري يزهو بحركية معتنقيها ؛إلا أن النتيجة الطردية كانت وللأسف الشديد هي الواقع المتحقق بعد إستشهاد الرسول الأكرم-صلى الله عليه وآله وسلم- فكلما ارتقى المستوى العلمي الناهض بهذه المنظومة الفكرية إلى أعلى المراتب التكاملية؛ كلما زاد المتغير؛ والمغاير لهذه الجهة ؛في نسب الجهل والمغالطات والدهاء (أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ ) وهذا الإنقلاب الذي تتحدث عنه الآية المباركة هو ذاته الطرف المعاكس ؛والمغاير الأول الذي تحدثنا عنه ؛ وخير مثال حي لكلا الطرفين في تاريخنا المعاصر؛ هو فكر المحقق الصرخي ونظرته الأنموذجية للتوحيد وحقيقـة التوحيد؛ والنظرة التيمية المجسمة والملقبة تلفيقًا بالتوحيد كذباً ؛حيث أن الثانية عجزت عن إدراك حقائق التوحيد وحقائق الوجود بسبب تمسكها بالإتجاه المادي؛ ونظرتها السلبية لحقائق الوجود ؛ حتى وصل الحال بها إلى التجسيم معتبرة ذلك قمة التوحيد غافلة أو متعمدة افتعال الغفلة؛ بأن التجسيم مصدر الشركيـة وليس التوحيد ؛ أما الأتجاه الأول وهو الاتجاه الإيجابي لحقيقة الوجود فقد ضرب سماحة المحقق الصرخي أروع الأمثلة في حقيقة الوجود في بحثه ؛الفلسفي(الآنية والوجود؛ والكشف والشهود) حيث قال صفحة 4 تحت عنوان (الوجود والآنية) ...(ووجود الواجب تعالى وآنيته عين ماهيته؛ وهو وجود بحت خاص شخصي عين الوحدة الحقة والهوية الشخصية ؛ وهذا الوجود بلحاظ التحقق يمكن ان يقال أنه كلي ومشترك؛ ويقصد بالكلية هنا الإحاطة ؛والإنبساط ؛ أي أن إحاطته لايبقى معها شيء؛ بحيث لاثاني له بالوجود؛ فهو تعالى يمتاز عن ما سواه بالتعين الإحاطي لابالتعين التقابلي ؛ وأنبساط نوره على الماهيات؛ وهياكل الأشياء ؛ وأنبساط رحمته التي وسعة كل شيء) انتهى كلام المحقق الصرخي. إلى هنا نقول : ماهو رد ابن تيمية وتوحيده الجسمي الأسطوري ؟ وهل يعي هو وأئمته معنى هذه العبارتين التعين الإحاطي؛ والتعين التقابلي؛ وهل يدرك هو في أي اتجاه واقع؟ أتحداهم إن وصلوا إلى مستوى التفريق بين العبارتين وهم في العبارة التقابلية واقعين .