بقلم الكاتب:
جبريـــ الملك ــل
المعذريـة والمنجزيــة هما عبارتان جميلتان عبر الفقهـاء بهما عن جانبين الهيين تربويين وهما بمثابة المسلك العام الموجه نحو إصلاح البشريـة وتهذيبها مرورا ووصولا الى اعلى مراتب التكامل والرقي اللذان يوضحان مدى رقي ذلك المجتمع ما إن قورن بغيره من المجتمعات التي تدين بغير الإسلام أو أنها تدين به ولكن دون رتبة الإقتران بدستوره أي أن الدين عندهم أجوف لا يحمل سوى الإسم أما المنجزية والمعذرية فالأولى تعني تنجيز العقاب وثبوته وإثباته واقعا على من قصر في تلك التعاليم التي نوهنا عن هدفها في صدر المقال. وكذا من أستخف بها قاصدا متعمدا طالبا بقصديته النفور والإبتعاد عن الخالق المنعم وهذا بحد ذاته خصيصة عدائية توافق بصورة وأخرى منهجية الشيطان الذي استعلى وركب خيل أوهامه بالوقوف امام الله قاهر الجبابرة. إذا المنجزية هو ثبوت العقاب على ذلك الفرد أو ذلك المجتمع الذي قصر او ترك عبادة من العبادات أو جميعها . أما المعذرية فهي الطرف المعاكس للأولى حيث أن المكلف يعطى العذر لعذر مسبق أخر مثل السهو أو الجهل الناتج عن حقيقة الإنسان الذي ولد جاهلا بالكثير من الحقائق وأقول ذلك حتى أخرج الجهل الناتج من رفض الفرد للتعلم فهذا الصنف لا ينطبق عليه ولا يكون ضمن مصاديق التعذير او مصاديق الجهل الطبيعي لأنه لم يسعَ من أجل رفع ذلك الجهل ولو بالمستوى البسيط فهذا لا يعذر بأي صورة او شكل من الأشكال وهذا بإختصار شديد، أذا هنالك مسلكان يحددان مصير المجتمع او الفرد فإما العقاب والجزاء أو التعذير وسقوط العقاب ويستتبعها الثواب وبأمكاننا أعطاء لفظ الجزاء لكلا المفهومين العقاب والإثابة فهذا يجزى بالعقاب وهذا يجزى بالإثابة (كذلك نجزي المحسنين) (كذلك نجزي الكافرين) وهنا تتحقق العدالة الالهية بأبهى صورها وتفاصيل مفاهيمها ومصاديقها الخلابة. بعد ذلك يأتي دور القائد والمصلح في إفاقة المجتمع وتصحيح مساره وهذا شاق جدا ولا يتم إلا من خلال أبتكار وإستحداث طرق جديدة غير تلك الطرق الكلاسيكية التي تكون بطبيعة الحال ذات طابع جاف لا يمكن أستقبالها من قبل الجيل الجديد فهي لا تواكب مستوى الافكار والتيارات التي أبهرتهم بجمال تطبيقاتها، حيث إننا نعلم ومن خلال الجانب النظري والعملي إن الأنفس البشرية ميالة دائما الى ما هو سهل ومباح وتهرب هروب الطريدة من السبع عن كل القيود لذلك نجد أن أكثر الساقطين في فخاخ الشيطان الملبية لطلبات النفس هم شريحة الشباب وخصوصا فترة المراهقة التي يكون فيها الانسان ذا طاقة هائلة لا يعلم كيف يبددها أو متى يصرفها وأين. وهنا يأتي دور القائد المصلح والمهذب لتلك الطاقات وذويها فيبتكر طرق تحاول قدر الإمكان من كبح لجام تلك القوى الهائلة أو صرفها فيما هو صحيح وسليم فتتحول الطاقات وميولها الى الاطراف الإيجابية وعكس ما أريد بها من قبل الشيطان وأعوانه من أتجاه سلبي مدمر. وما الشور والبندرية إلا طريقة من تلك الطرق التربوية التي أحاط بكل إيجابياتها ذلك المربي لكي ينتشل تلك الشريحة المهمة من المجتمع انتشال إيجابي يحقق الهدف الوجودي للإنسان وهو العبادة والرقي الأجتماعي والوصول الى اوج صور التكامل الأخلاقي والشرعي . لذلك ومن أجل هذا الهدف نرى أن المحقق الصرخي قد أعطى الأهمية القصوى لتلك الطرق التي تنتشل الشباب من وحل الالحاد والتشرذم والتفسخ وباقي الأدران التي أحاطت بالمجتمع عامة وشريحة الشباب خاصة، فمجالس الشور مجالس تخالف نوعا ما تلك الطرق الكلاسيكية التي أعتاد عليها المجتمع ولكنها لا تخلو من الذكر والتوجيه التربوي الإسلامي الناشد لذلك الهدف السماوي وهي كذلك لا تخلو من زرع قيم التضحية ونكران الذات وخلق روح الشجاعة والإقدام في نفوس الشباب المتطلع لحياة كريمة خالية من الهيمنة والغطرسة النفعية العائدة للفرد دون باقي المجتمع والتي بسببها تكبدت المجتمعات الكثير من الخسائر المادية والمعنوية ولا يزال المجتمع يدفع ضرائب تلك الرغبات الشخصية الخالية من أطر الاخلاق والشريعة. كما أن هذه المجالس والمرشد لها نحو الإلزام التنفيذي مجالس نظرت فيها أولى اساسات النفع الإيجابي وخلوها من المفاسد إن طبقت على نفس تلك الخطوات التي رسمت لها ويعبر عن ذلك بالملاك. وبما أن الملاك قد وقع على تلك الشعيرة فمن حق المصلح الذي تصدى لقيادة المجتمع بالدليل العلمي والشرعي والأخلاقي أن يعطي حكم الوجوب في تطبيقها ونشرها وكذا يستصحب معه عقلا وشرعا حرمة التخلف عنها والتقصير في ايجادها والعمل على تطويرها ضمن الضوابط الشرعية.
وهنا تدخل المعذرية والمنجزية التي أشرنا اليها في بداية البحث.
https://e.top4top.net/p_87913po02.jpg