الكاتب محمد الثائر
التفكير الموضوعي
ذكر سماحة السيد الأستاذ الصرخي الحسني في كتاب الصلاة المنهاج الواضح حيث كنت أتصفح هذ الكتاب للتزود والانتهال من علومه حيث استوقفني كلام لسماحة السيد المؤلف كلام أشبه بخروج اللبن من بين فرث ودم خالصا سائغا للشاربين رغم التعتيم ورغم العداء ورغم الشبهات إلا أنه خرج كما خرج اللبن وكان نص الكلام كما يلي:
"يصل التواضع والخضوع أقصى درجاته عندما نفترش الأرض بجباهنا ونحن نعترف بالجميل للمولى ونقر له بالعبودية والحاجة الدائمة إليه تعالى و بتكرار هذه الافعال والتفكر والتمعن في معانيها واهدافها يحصل التفكر والتقييم الموضوعي الواقعي النقي المتوازن الصحيح للنفس ومنزلتها يؤدي الى التحرير من النفس الامارة والهوى والشيطان والدنيا......
وعلى ضوء ما تكلم به سماحته نأتي بشيء وفق مفهومنا التفكيري
«التواضع» من مادة «وضع»، وهي في الأصل بمعنى وضع الشيء إلى الأسفل.
وهذا التعبير ورد بالنسبة إلى النساء الحوامل اللاتي يلدن حملهن فيقال «وضعت حملها» وكذلك بالنسبة إلى الخسارة والضرر الذي قد يتحمله الإنسان فيقال «وضيعة»، وعندما تطلق هذه الكلمة ويراد بها صفة أخلاقية في الإنسان فإن مفهومها أن الإنسان ينخفض بنفسه عن مكانته الإجتماعية، بعكس حالة التكبر التي يفهم منها استعلاء الإنسان عن واقعه الإجتماعي وطلب التفوق على الآخرين.
والتواضع عبارة عن الإنكسار النفسي الّذي لا يرى معه الإنسان نفسه أعلى من الآخرين ولازمه أن يتحرك الشخص تجاه الآخرين من موقع الاحترام والتعظيم لهم بكلماته وأفعاله
عن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) قال عندما سُئّل : «مَا حَدُّ التَّوَاضُعِ الّذي إذَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ كَانَ مُتَوَاضِعاً ؟ فَقَالَ : التَّوَاضُعُ دَرَجَاتٌ مِنْهَا اَنْ يَعْرِفَ الْمَرْءُ قَدْرَ نَفْسِهِ فَيُنَزِّلُهَا مَنْزِلَتَهَا بِقَلْب سَلِيم لاَ يُحِبُّ اَنْ يَأْتِيَ اِلَى اَحَد اِلاّ مِثْلُ مَا يُؤْتَى اِلَيْهِ، اِنْ رَأىَ سَيِّئَةً دَرَاَهَا بِالْحَسَنَةِ، كَاظِمُ الْغَيْظِ، عَاف عَنِ النَّاسِ، وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
وهنا نقول أن السجود على قطعة من الطين الجاف أكثر دلالة على الخضوع والتواضع لله ، فإن السجود هو غاية الخضوع ، ولذا لا يجوز السجود لغير الله سبحانه ، فإذا كان الهدف من السجود هو الخضوع لله ، فكلما كان مظهر السجود أكثر في الخضوع لا شك أنه يكون أحسن ، ومن أجل ذلك استحب أن يكون موضع السجود أخفض من موضع اليدين والرجلين ، لأن ذلك أكثر دلالة على الخضوع لله تعالى