شهرُ رمضان شهرٌ خصّهُ اللهُ بالبركةِ والرحمةِ والمغفرة، شهرٌ هو عند اللهِ أفضلُ الشهورِ وأيامُهُ أفضلُ الأيامِ ولياليه أفضلُ الليالي وساعاتُهُ أفضلُ الساعات، هو شهرٌ دُعيتم فيه إلى ضيافة اللهِ وجعلُتم فيه من أهلِ كرامةِ الله، أنفاسُكم فيه تسبيح،ونومكم فيه عبادة، له قدسيةٌ وحرمةٌ عند الله (جل وعلا) كما أشار لذلك القرآن الكريم في الآية (183) من سورة البقرة ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)).
وعلينا ضرورة اغتنام الفرص من الفيض الإلهي والرحمة الواسعة التي مَدّ بها الباري عبادهُ في هذا الشهر الفضيل والإبتعاد عن المحرمات وإجلاء القلوب حرصًا على نيل رضا الله (جل وعلا) ووليهِ الإمام الشريد الطريد المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) وتجنُّبُ سخطهما.
ونستذكر حادثةً وجريمة هي من أبشع وأجرم الحوادث التي قد عرفها التاريخ! حيثُ قُتِلَ الصائمون وسُفِكَت فيها الدماء الطاهرة الزكية وهُدِّمَتْ الدورُ التي يسكنها الأبرياء الأتقياء ظلمًا ،وطغيانًا، لا لذنبٍ اقترفوه، سوى أنّهم قالوا ربّنا الله، ورفضوا الاحتلال الأجنبي بكل أشكاله.. والطائفية التي مزّقت بلدهم، وتصدّوا لكل جهةٍ باغية تسعى إلى الاستيلاء على خيراته، ومقدراته، ومقاطعتهم لكل الفساد الساري بجسد بلدهم، وقد رفعوا شعار الإصلاح بوجهِ كل قبحٍ ورذيلة، وامتازوا بالدور الأبوي متربِّعين على عرش الوسطيّة ما بين أطياف الشعب العراقي الجريح، ومطالبتهم بحقوق الفقراء والمساكين..
فوَقَع عليهم ما لم يقعْ إلّا في واقعةِ الطفِّ!!! فما أشبه اليوم بالأمس!!! بالأمس عاشوراء، واليوم رمضان في جريمة اعتداءٍ بربري دمويّ آثمٍّ على براني سماحة المرجع المحقّق الأستاذ الصرخي (دام ظله) في كربلاء المقدسة، في مدينة سيف سعد، في الثاني مِن رمضان -1435 هـ- 1 تموز 2014م.
فارتقتْ أرواح كوكبة شهداء المبدأ والعقيدة والأصالة، ومن بينهم الطفل الشهيد مجتبى.. الذي تَجَسّد بمقتلهِ وحشيّة المعتدين وفساد وجُبن القتلة المُتهَسترين..
فطوبى لشهدائنا وطوبى.. فلقد خُطَّتْ بدمائهم أجمل لوحات الإنسانية والشموخ ليكونوا قدوةً وشعلةً مِن نور تُذّكرُنا بتراث شهداء الطفِّ الذي بَقِيَ لكل الأحرار والنبلاء نهجًا قويمًا للتصدي بوجهِ كلِّ باغٍ ومجرم أثيــم.