بقلم :قيس المعاضيدي
يكتب التاريخ ليكون سجل لأحداث الماضي .أما الظروف التي كتب بها ،فهذا يبرزه المحقق في الأحداث ،بقراءة ما بين السطور بعقل صافي مخلص أمين ليخرج لمعرفة كنوز الكنوز ،لتكون شاهد على تأصيل حادثة حتى نصل إلى أنصعها ،ونسد الطريق على المحرفين والمتلاعبين وصائدي المغفلين .ليبنوا أفكارهم المتجرة على أنقاض عقول السذج . وفي لحاظ ذلك كثر الحديث حول شد الرحال إلى المساجد الثلاثة .وما بنيت حولها من أفكار يشوبها الشك .فدعونا نطلع على حقيقة ما ذكر ،بقراءة ما دونه المحقق الصرخي من استفهامات حول تلك الروايات بدقة ودراسة مستفيضة تنفعنا كدارسين للتاريخ وهو مقتبس من البحوث والمحاضرات العقائدية والتاريخية للمحقق الصرخي ، التي أبطل من خلالها المنهج التكفيري الداعشي المارق في تحريم زيارة القبور وتكفير من يزورها .حيث ذكر قائلا :
]هل يستدلّ ويثبت من الروايات فعلًا عدم جواز شدّ الرحال لغير هذه المساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى؟ (هنا الكلام وهذا هو الاستفهام) وهل يُفهم منها ويَثبت بها ما ترتّب من مصيبة كبرى وفتنة تكفيريّة قاتلة تبيح أموال وأعراض وأموال الناس بدعوى أنّ الحديث يدلّ على حرمة زيارة القبور ومنها قبر الرسول الكريم - عليه وعلى آله الصلاة والتسليم-؟ وأكتفي بذكر بعض الموارد التي تتضمن بعض الموارد الشرعيّة وغيرها تفنّد ما يستدلّ به جماعة التكفير على انتهاك حرمات مقابر المسلمين وأمواتهم بل وتكفير وقتل أحيائهم. المورد الثاني: شرح البخاري، عند قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد..." قال السبكي: وَقَدْ اِلْتَبَسَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِهِمْ فَزَعَمَ أَنَّ شَدَّ اَلرِّحَالِ إِلَى اَلزِّيَارَةِ لِمَنْ فِي غَيْرِ اَلثَّلَاثَةِ دَاخِل فِي اَلْمَنْعِ، وَهُوَ خَطَأٌ (استدلال الدواعش، استدلال التكفيريين ومنتهكي حرمات قبور الأولياء والصالحين والأنبياء والمرسلين هو خطأ) لِأَنَّ اَلِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ جِنْس اَلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَمَعْنَى اَلْحَدِيثِ: لَا تُشَدّ اَلرِّحَال إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ اَلْمَسَاجِدِ أَوْ إِلَى مَكَانٍ مِنْ اَلْأَمْكِنَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ اَلْمَكَانِ إِلَّا إِلَى اَلثَّلَاثَةِ اَلْمَذْكُورَةِ، وَشَدّ اَلرِّحَال إِلَى زِيَارَةٍ أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ لَيْسَ إِلَى اَلْمَكَانِ بَلْ إِلَى مَنْ فِي ذَلِكَ اَلْمَكَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فتح الباري ج3 لابن حجر العسقلاني.[ انتهى كلام المحقق الصرخي .
التاريخ أمانة يجب على من يدونه أن يجعل نصب عينيه مخافة الله .إن كان من المتقين . أما إن كان من المارقة فلا كلام لنا معه .إلا أن نذكره بقدرة الباري - عز وجل - لعله يتذكر أو يخشى . أما ما بين هذا وهذا فعليهم لا يكونوا لدرجة إلغاء العقل بأن يغلبوا العواطف على العقل ويسمعوا لمن يدس السم في العسل .
https://f.top4top.net/p_10032tikg1.png