بقلم : قيس المعاضيدي
إن الإنسان بطبيعته تتنازعه الشهوات والهوى والشيطان .فترى النفس تميل لمن يعطيها الكلام الرقيق ،والناعم وأيضًا يتأثر فينجذب ،للوجه الحسن والمنظر الخلاب فيقابله بالراحة النفسية . فقرأنا عبر التاريخ كم شعراء كانوا ينشدون الشعر بما يعيشون في بيئتهم وعبروا عما يعيشون ،وعندما انتقلوا إلى بيئة أخرى تختلف تغيّرت أشعارهم نحو الرقة والجمال !!.ولكن كم من كلام معسول يكون فخًا لإيقاع الإنسان في مهاوي يندم لها .قال تعالى في محكم كتابه الكريم : (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض..) [الأحزاب: 32].
ومن هذا نلاحظ أن الشيطان عليه لعائن الله يختار المع وألين الألفاظ، وأشد المشاهد إثارةً ليستخدمها مصائدًا لإيقاع البشر فيها ، لجعل منهم مطاياه لتحقيق أغراضه الخبيثة الهدامة، للقيم الأخلاقية تجاه الباري-عز وجل - .فينصاع له من لم يراقب نفسه ويحاسبها. ويتجنبها الأتقى فينجوا منها من لا يغفل عنها لحظة .وتلك(محاسبة النفس ) صفة المؤمنين بالله-عز وجل- ليغفر لنا ما تقدم لنا من ذنب .ومن الأدلة في هذا المقام توبة النبي آدم -عليه السلام- عندما وسوس الشيطان له كما هو معروف من القرآن الكريم ،حيث عبرت الآية الكريمة: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخالدين} [الأعراف: 20].
ولكن هل من سبيل لمن اغترف ذنبا ؟ قال تعالى في كتابه الكريم :} رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ{ [سورة الأعراف: 23]. ولو عرف الإنسان ما في مهاوي الشيطان من انتكاسات نفسية وذنوب ومعاصي لنعم الخالق-جل وعلا- وعندما يرتكب الإنسان معصية دبرها له الشيطان يتبرأ منه وتلك مزايا الشيطان !!! ومن الجدير بالعلم لأنفسنا وللآخرين لنتجنبها ،وأن نعلم أن مكائد الإنسان أقوى من مكائد الجن لأنه من مكائده تكاد تزول منه الجبال !!!.
وللمزيد من الإيضاح ووضع النقاط على الحروف أن نذكر ماقاله الأستاذ المحقق الصرخي في هذا المقام وهو مقتبس له من كتاب "الاستعداد لنصرة الإمام المعصوم -عليه السلام-" جاء فيه قائلا :- ((إنَّ الجهل هو السبب الرئيسي في التهافت في سلوك الإنسان وإعراضه عن كل أمرٍ جادٍ يحدد مصيره في الحياتين الدنيوية والأخرَوية، فيدخل في سفاسف الأمور ومنكراتها فيرتكب المعاصي والموبقات ويكون عبدًا للشيطان، ولو عرف الإنسان ووعى حقيقة تلك المعاصي والموبقات والشهوات الشيطانية وعلم ما هي أضرارها وتبعاتها الشخصية والاجتماعية في الدنيا والآخرة لولّى منها فرارًا.)) انتهى كلام الأستاذ المحقق .
وما تلك النصائح الإلهية والارشاد ،إلا فيض إلهي ونعم لاتعد ولا تحصى .لأن الخالق-جل وعلا- يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر .ويمن على الذين استضعفوا في الأرض ليجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين وخيرنا خيرنا لأنفسنا .
https://c.top4top.net/p_1083f2ffy1.jpg