بقلم :قيس المعاضيدي
الإنسان المؤمن بالله –سبحانه وتعالى – يلاحظ عنه أو يوصف بأنه دائمًا يراقب نفسه ويحاسبها ،ويتفكر بكل شيء يراد منه القيام به ،ومانعني يتفكر ؟ هنا ونحن في مقال تمييز المؤمن عن غير المؤمن ،فإن همه منصب على مخافة الله وهو المقياس الحقيقي ،بل هو الوحيد لمعرفة الصالح من الطالح . فالصالح يعرف أوامر الخالق –جل وعلا- فيتبعها ويعرف نواهيه فيتجنبها . لأن في ذلك مصلحة الإنسان من خير وصلاح وتعمير الأرض لأنه إنسان مستقيم وهنا أصبح في أعلى مراتب الإيمان بالباري- عز وجل- لمخافته الله .قال العزيز القدير :} إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ{ (فاطر/28 )..
فالمؤمن لا يخاف منه المؤمنين لأنهم في تواد وتراحم والجسد الواحد ، بينما الباطل يخاف من الحق فيعاديه ويتحيّن له أي فرصه لمحاربته ،لأنه يرى فيه نهايته لتيقنه أنه لا يستطيع أن يهزمه .لأنه قوي .فيتجه جل اهتمامه على ضعاف الإيمان لأنهم لا يكلفونه إلا جهد يسير فيصبحوا طوع أوامره يقلبهم حيث يشاء وفي أي صفة شاء!! ولتوسيع معلوماتنا عن الشيطان الرجيم حتى نتجنبه نذكر ما أفاد به المحقق الصرخي في هذا المقام وهو مقتبس من المحاضرة (27) من بحوث: تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي حيث قال :
((الرواية الثلاثون بعد المئة في صفوة الصفوة وتلبيس إبليس لابن الجوزي، عن وهيب أو وهب بن الورد قال:
"بَلَغَنَا أَنَّ الْخَبِيثَ إِبْلِيسَ تَبَدَّى لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا -عَلَيْهِما السَّلامُ-، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَنْصَحَكَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ أَنْتَ لا تَنْصَحُنِي، وَلَكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْ بَنِي آدَمَ، فَقَالَ: هُمْ عِنْدَنَا عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ، أَمَّا صِنْفٌ مِنْهُم ( الأول ) فَهُمْ أَشَدُّ الأَصْنَافِ عَلَيْنَا، نُقْبِلَ حَتَّى نَفْتِنَهُ وَنَسْتَكَنَ مِنْهُ، ثُمَّ يَفْرُغُ إِلَى الاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةُ فَيفْسِدُ عَلَيْنَا كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكْنَا مِنْهُ، ثُمَّ نَعُودُ لَهُ فَيَعُودُ، فَلا نَحْنُ نَيْأَسَ مِنْهُ، وَلا نَحْنُ نُدْرِكَ مِنْهُ حَاجَتَنَا، فَنَحْنُ مِنْ ذَلِكَ فِي عَنَاءٍ، وَأَمَّا الصِّنْفُ الآخَرُ (الثاني) فَهُمْ فِي أَيْدِينَا بِمَنْزِلَةِ الْكُرَةِ فِي أَيْدِي صِبْيَانِكُمْ نُلْقِيهِمْ كَيْفَ شِئْنَا، قَدْ كَفَوْنَا أَنْفُسَهَمْ ، وَأَمَّا الصِّنْفَ الآخَرَ (الثالث) فَهُمْ مِثْلُكَ مَعْصُومُونَ لا نَقْدِرُ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: عَلَى ذَلِكَ هَلْ قَدَرْتَ مِنِّي عَلَى شَيْءٍ؟ قَالَ: لا! إِلّا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنَّكَ قَدَّمْتَ طَعَامًا تَأْكُلُهُ فَلَمْ أَزَلْ أُشَهِّيهِ إِلَيْكَ حَتَّى أَكَلْتَ منه أَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُ، فَنِمْتَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ تَقُمْ إِلَى الصَّلاةِ كَمَا كُنْتَ تَقُومَ إِلِيَهَا، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: لا جَرَمَ لا شَبِعْت مِنْ طَعَامٍ أَبَدًا، فَقَالَ إبليس له: لا جَرَمَ لا نَصَحْت آدَمِيًّا بَعْدَكَ".)) انتهى كلام المحقق الصرخي .
ففي جميع الآيات الكريمة يأمرنا الله –سبحانه وتعالى – أن نكون دعاة صالحين له لأننا بذلك نقضي على مخططات الشيطان وأزلامه . لنعيش حياة كريمة في ربوع العزيز الأعلى-جلت قدرته -فيتقوض الشيطان فيبحث عن طرق أخرى لإيقاعنا بها فهو دائم العمل ولا يسكن له جهد .فيدخل من طرق عديدة ، ويستخدم شتى الوسائل فهو هنا يقظ مع الأسف فبينما الإنسان المؤمن يغفل عن شيء إلا وأسرع الشيطان لاستخدامه ضده !!
http://gulfup.co/i/00701/i76sviyp434b.jpg gulfup.co